×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

لا يستحق اسم العلم ولا يستحق صاحبه أن يسمى عالمًا، لأن العلم إذا أُطلق فالمراد به علم الشرع، وإذا مُدِح العلم فالمراد به علم الشرع، فأين هذا من الذين عكسوا الأمر وجعلوا العلم الدنيوي هو العلم عند الإطلاق، وخلعوا على أصحابه ألقاب المديح والإكبار؟ مع أنهم في الغالب أجهل الخلق بأمور دينهم وآخرتهم، وقد حملهم علمهم هذا على الغرور والاستكبار في الأرض وإنكار وجود الخالق، فها هي الشيوعية والعلمانية اليوم تنكر وجود الله وتستكبر بعلومها على عباد الله، وتخترع آلات الدمار، ومن الأمم الكافرة من أنكر علم الرسل واغتر بما عندهم من علم الدنيا، كما قال تعالى: {فَلَمَّا جَآءَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِ فَرِحُواْ بِمَا عِندَهُم مِّنَ ٱلۡعِلۡمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ [غافر: 83].

قال ابن كثير: وذلك لأنهم لما جاءتهم الرسل بالبينات، والحجج القاطعات، والبراهين الدامغات، لم يلتفتوا إليهم ولا أقبلوا عليهم، واستغنوا بما عندهم من العلم في زعمهم عما جاءتهم به الرسل.

إن العلم الشرعي الذي جاءت به الرسل فيه صلاح العباد والبلاد، أما علوم البشر ومخترعاتهم فالغالب أن فيها الدمار وإهلاك الحرث والنسل، كما هو الواقع اليوم من الأسلحة الفتاكة والقنابل المدمرة، وعلوم الشرع تعرف بالله والدار الآخرة، وعلوم البشر وتقنياتهم يغلب أنها تبعث على الغرور والجهل بالله وسننه الكونية وتنسي الآخرة.

ونحن لا ننكر ما فيها من نفعٍ إذا استغلت في الخير، وكانت بأيدٍ مؤمنةٍ ولكن ننكر أن تحاط بهالة التقديس والإكبار، ويطلق عليها وعلى أصحابها العلم والعلماء، ويفسر بها كتاب الله وسنة رسوله.


الشرح