الحمد لله الذي جعل
بيته الحرام مثابةً للنَّاسِ وأمنَا، وأشهدُ أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له
شهادةً تُنجي من نطق بها وحقَّق مدْلولها مبْنىً ومعنىً، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدهُ
ورسولهُ عُرج به فوق السَّموات العُلى، ﴿فَكَانَ قَابَ قَوۡسَيۡنِ أَوۡ أَدۡنَىٰ﴾ [النجم: 9].
صلى الله عليه وعلى
آله وأصحابه نجوم الهدى ومصابيح الدُّجى، وسلَّم تسليمًا كثيرًا في الآخرة
والأولى..
· أما بعد:
أيُّها النَّاس: اتقوا الله تعالى،
واشكروه على نعمه التي لا تُحصى، ومن أعظمها أن جعل لكم هذا البيت الشريف، وهذا
الحرم المنيف، يتجه المسلمون إليه في صلواتهم من جميع أقطار الأرض، ويفدون إليه
حاجِّين ومُعتمرين من كُلِّ فجِّ عميق ﴿لِّيَشۡهَدُواْ مَنَٰفِعَ لَهُمۡ﴾ [الحج: 28].
فيلتفون حوله
ويتعارفون عِندهُ، فتتآلف قلوبهم ويتعاونون على تحصيل مصالحهم وحلِّ مشاكلهم،
وتظهر قوة الإسلام ووحدة المسلمين ويُرفعُ شعارُ الدِّين، وتزولُ كلُ الفوارقِ
المُصطنعة إلاَّ فارق التَّقوى، وتسقُط كُلُّ الشعارات البشرية والشرائع
الجاهليَّة، ولا يبقى إلاَّ شعار الدين، وشريعة رب العالمين وتبطل كل الاعتقادات
الشركية، ولا يبقى إلا العقيدة الحنيفيَّةُ ملَّة إبراهيم إمام المِلَّة
الإسلاميَّة.
فإن هذا البيت أسس على التوحيد حين أمر الله إبراهيم وإسماعيل ببنائهِ، وقال تعالى: ﴿وَعَهِدۡنَآ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيۡتِيَ لِلطَّآئِفِينَ
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد