تأملات في سورة العصر
الحمد لله رب
العالمين، أنزل القرآن هدى للناس وبيناتٍ من الهدى والفرقان، وأشهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له ﴿ٱلرَّحۡمَٰنُ ١ عَلَّمَ ٱلۡقُرۡءَانَ ٢} [الرحمن: 1- 2].وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المؤيد
بالمعجزات والبرهان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا في الله حق جهاده،
بالمال واللسان والسنان، وسلم تسليمًا كثيرًا.
· أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله تعالى
وتأملوا كتاب ربكم ففيه الهدى والنور، وشفاء الصدور، ومعنا الآن سورةٌ وجيزةٌ من
كتاب الله، هي سورة العصر قال فيها الإمام الشافعي رحمه الله: لو تدبر الناس هذه
السورة لوسعتهم، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا لم يتفرقوا
إلا بعد أن يقرأ أحدهم على الآخر سورة العصر، وذلك من أجل العمل بها.
أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم: ﴿وَٱلۡعَصۡرِ ١ إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي
خُسۡرٍ ٢ إِلَّا ٱلَّذِينَ
ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡحَقِّ وَتَوَاصَوۡاْ
بِٱلصَّبۡرِ ٣} [العصر: 1- 3].
ثلاث آياتٍ تتضمن بيان أسباب الخسران والربح، ولا شك أن كل عاقلٍ يريد الربح ولا يريد الخسارة، لكنه لا يعلم الأسباب الموصلة إلى الخسارة فيتجنبها والأسباب الموصلة إلى الربح فيطلبها، وقد منَّ الله على عباده فبيَّن ذلك لهم في سورةٍ وجيزةٍ، يحفظها ويفهمها الكبير والصغير، والعامي والمتعلم، لتقوم بذلك حجته على خلقه، وليعمل بها من يريد النجاة لنفسه فلله الحمد والمنة، وله الحجة البالغة
الصفحة 1 / 505
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد