×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَنْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ، ثُمَّ غَزَوْهُمْ وَأَخَذُوا بَعْضَ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ يَحْكُمُوا بِكِتَابِ اللهِ إِلاَّ جَعَلَ اللهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ» ([1]).

فذكر صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث خمسة أنواع من المعاصي، كل نوع منها يسبب عقوبة من العقوبات، ومن ذلك: منع الزكاة، ونقص المكيال يسببان منع المطر وحصول القحط، وشدة المؤونة، وجور السلطان، وأنتم في هذه الأيام ترون تأخر المطر عن وقته، وإجداب المراعي، مما يترتب عليه تضرر للعباد والبلاد والبهائم.

قال أبو هريرة رضي الله عنه: إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم، وقال مجاهد: إن البهائم تلعن عصاة بني آدم إذا اشتدت السَّنةُ، وأمسك المطر، تقول: هذا بشؤم معصية ابن آدم.

أما منع الزكاة فقد ابتلي كثير من الناس اليوم بتضخم في الأموال في أيديهم، وصاروا يتساهلون في إخرج الزكاة إما بخلاً بها إذا نظروا إلى كثرتها، وإما تكاسلاً عن إحصائها وصرفها في مصارفها.

وأما نقص المكاييل فالبعض من الناس حملهم الطمع والجشع على الغش في المعاملات ونقص المكاييل والموازين وبخس الناس أشيائهم، فيأتي على الأكياس والصناديق ويفرغ منها ويبيعها على الناس أنها تامة، وهي منقوصة مبخوسة، وبائعو الخضار والفواكه والتمور يغشون الناس في الصناديق فيضعون الرديء في الأسفل، والجيد في


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (1241)، ومسلم رقم (2315).