والسرور في دنياه وفي قبره ويوم نشوره، ففي
الحياة الدنيا يتلذذ بالطاعة ويطمئن قلبه بذكر الله، فيعيش فيها منشرح الصدر قرير
العين، وفي قبره يفتح له باب إلى الجنة، فيأتيه من طيبها ونعيمها، ويقال له: نم
نومة العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه، وفي بعثه يبعث على أحسن حالٍ، فيحاسب
حسابًا يسيرًا، وينقلب إلى أهله مسرورًا ويدخل الجنة دار النعيم خالدًا مخلدًا
فيها لا يمسه فيها نصب، ولا يخشى موتًا ولا همًا ولا مرضًا، ﴿وَمَا هُم مِّنۡهَا
بِمُخۡرَجِينَ﴾ [الحجر: 48]، وأما الكافر فإنه وإن حيزت له الدنيا بحذافيرها فإنه يعيش
فيها مهمومًا مذمومًا، وتزول عنه سريعًا، ثم يموت ويُعَذَّب في قبره، ثم يبعث إلى
النار وبئس القرار. هكذا عذاب متواصل، كما قال تعالى: ﴿لَّهُمۡ عَذَابٞ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ
أَشَقُّۖ وَمَا لَهُم مِّنَ ٱللَّهِ مِن وَاقٖ ﴾[الرعد: 34].
عباد الله: وإن من أعظم ما يمُرُّ في عمر المؤمن إدراك مواسم الخير، التي من أعظمها شهر رمضان المبارك، فإنه أعظم كسب في حياة المؤمن، وفي حديث الثلاثة الذين استشهد منهم اثنان وبقي الثالث بعدهما، ومات على فراشه، فرئي سابقًا لهما، فتعجب الناس من ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ بَعْدَهُ سَنَةً؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: وَأَدْرَكَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَصَامَهُ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا سَجْدَةً فِي السَّنَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: فَلَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَْرْضِ» ([1]) فاحمدوا الله -أيها المسلمون- على بلوغ هذا الشهر، وأكثروا فيه من فعل الطاعات واكتساب الحسنات.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2801)، ومسلم رقم (1804).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد