×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

لا يعود عليه رمضان بعد هذا العام، فاختموه بخير، واستمرُّوا على مواصلة الأعمال الصالحة التي كنتم تؤدونها فيه في بقية الشهور.

فإنَّ ربَّ الشُّهور واحدٌ، وهو مُطَّلعٌ عليكم وشاهدٌ، وقد أمركم بفعل الطاعات في جميع الأوقات، ومن كان يعبد شهر رمضان فإن شهر رمضان قد انقضى وفات، ومن كان يعبد الله فإن الله حيٌ لا يموت فليستمر على عبادته في جميع أيام الحياة، فإن بعض الناس يتعبدون في شهر رمضان خاصة، فيحافظون فيه على الصلوات في المساجد، ويكثرون من تلاوة القرآن، ويتصدَّقون من أموالهم، فإذا انتهى رمضان تكاسلوا عن الطَّاعة، وربما تركوا الجُمُعة والجماعة، فهدموا ما بنوه، ونقضوا ما أبرموه، وكأنهم يظنون أن اجتهادهم في رمضان يكفرُ عنهم ما يجري منهم في السَّنة من القبائح والموبقات، وترك الواجبات، وفعل المحرمات، ولم يعلموا أن تكفير رمضان وغيره من السيئات مُقيدٌ باجتناب الموبقات، قال تعالى: ﴿إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ [النساء: 31].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ، مَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ» ([1])

وأيُّ كبيرة بعد الشرك أعظم من إضاعة الصلاة؟ وقد صارت إضاعتها عادةٌ مألوفةً عند بعض الناس.

إن اجتهاد هؤلاء في رمضان لا ينفعهم شيئًا عند الله إذا هم أتبعوه بالمعاصي من ترك الواجبات وفعل المُحرمات.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (118).