×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء الرابع

حَسَنَٰتٖۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمٗا [الفرقان: 70].

عبادَ الله: إن شهر رمضان كما وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ» ([1])، وذلك لأن النَّاس مع هذا الشهرِ لهم حالات مختلفة، فمنهم من وافاه هذا الشهر وهو مستقيم على الطاعة، محافظٌ على صلاةِ الجُمعُ والجماعة، مُبتعِدٌ عن المعاصي، ثمَّ اجتهد في هذا الشَّهرِ بفعلِ الطَّاعاتِ، فكان زيادةَ خيرٍ لهُ، فهذا تنالهُ رحمةُ الله لأنهُ محسنٌ في عمله.

وقد قال تعالى: ﴿رَحۡمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٞ مِّنَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ [الأعراف: 56].

ومنهم من وافاه هذا الشَّهر، فصام نهارهُ، وقام ما تيسَّر من ليله، وهو قبل ذلك مُحافظٌ على أداء الفرائض وكثيرٍ من الطاعات، لكن عنده ذنوبٌ دون الكبائر، فهذا تناله مغفرة الله، قال تعالى: ﴿إِن تَجۡتَنِبُواْ كَبَآئِرَ مَا تُنۡهَوۡنَ عَنۡهُ نُكَفِّرۡ عَنكُمۡ سَيِّ‍َٔاتِكُمۡ وَنُدۡخِلۡكُم مُّدۡخَلٗا كَرِيمٗا [النساء: 31].

وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّراتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ» ([2])

ومنهُم من وافاهُ شهرُ رمضان وعندهُ ذُنوبٌ كبائرُ، لكنَّها دونَ الشِركِ، وقد استوجَبَ بها دخولُ النار، ثمَّ تابَ منها، وصامَ هذا الشَّهر، وقام ما تيسرَ منهُ، فهذا ينالهُ الإعتاق من النَّار بعد ما استوجَبَ دُخولَها.


الشرح

([1])  أخرجه: أبو داود رقم (2433)، والنسائي في « الكبرى » رقم (2863).

([2])  أخرجه: ابن خزيمة رقم (1887)، والبيهقي في « الشعب » رقم (3608).