وليس الاستغفار مجرد
لفظٍ يُردد على اللسان، وليست صلاة الاستسقاء مجرد عادةً تُفعَل في الأوطان، وإنما
هما توبة وندم، وعبادة وخضوع لرب العالمين، وتحول من حالة فسادٍ إلى حالة صلاح،
فلا بد أن تكون حال المسلمين بعد صلاة الاستسقاء أحسن من حالهم قبلها، إذا كانوا
صادقين في توبتهم ومعترفين بذنوبهم، لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه
في دعاء الاستسقاء فلا يحطهما إلا وقد نشأ السحاب، وسالت الأودية والشعاب؛ لأنه
صادق مع ربه، وكذلك خلفاؤه الراشدون، وصحابته الأكرمون، كانوا يستسقون فيُسقَون،
ويسألون فيُعطَون، لصدقهم مع الله في توبتهم ورغبتهم إلى الله في دعائهم.
استسقى النبي صلى
الله عليه وسلم في بعض غزواته لما سبقه المشركون إلى الماء، فأصاب المسلمين العطش،
فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال بعض المنافقين: لو كان نبيًا
لاستسقى لقومه كما استسقى موسى لقومه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «أَوَ
قَالُوهَا؟ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَسْقيكُمْ» ([1]) ثم بسط يديه ودعا،
فما رد يديه من دعائه حتى أظللهم السحاب، وأمطروا، فعمَّ السيل الوادي، فشرب الناس
وارتووا.
ولما شكى المسلمون في المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر، خرج فصلى بهم، ثم دعا الله تعالى، فأنشأ الله سحابةً، فرعدت وبرقت، ثم أمطرت بإذن الله تعالى، فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى المكان ضحك حتى بدت نواجذه، فقال: «أَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَأَنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([2]).
([1]) أخرجه: أبو عوانه رقم (2514).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد