والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «وَإِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ؛
فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْغُلُوُّ» ([1])، فالغلو آفةٌ خطيرةٌ كما أن التساهل في الدين آفةٌ خطيرةٌ والشيطانٌ يحرص
على أن يخرج المسلم عن الاعتدال إما إلى الغلو وإما إلى التساهل، فإن رأى من
الإنسان رغبة في الخير فإنه يزين له الغلو ويزهده في الاعتدال ويقلله في عينه حتى
يخرج إلى الغلو، وإن رأى من الإنسان تساهلاً رغَّبه في التساهل والانحلال حتى يخرج
من الدين. وقد قال السلف: دين الله بين الغالي والجافي.
والغلوُّ قد يكون في الدين بالزيادة بالتشدد فيه والخروج عن الاعتدال وأن يكلف الإنسان نفسه ما لا تطيق في العبادة، «جَاءَ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ إِلَى بُيُوتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأَيْنَ نَحْنُ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ: أَمَّا أَنَا، أُصَلِّي وَلاَ أَنَام، وَقَالَ الثَّانِي: أَنَا أصومُ وَلاَ أُفطر، وَقَالَ الثَّالِثُ: أَنَا لاَ أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ وَقَالَ: أَنْتُمْ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا، أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَتْقَاكُمْ لِلَّهِ وَأَعْلَمُكُمْ بِهِ، لَكِنِّي أُصَلِّي وَأَنَام أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» ([2])، والغلوُّ قد يكون في الأشخاص بأن يُرفعوا فوق منزلتهم ويُجعل لهم شيءٌ من العبادة كما حصل للنصارى لما غلوا في المسيح عليه السلام وقالوا المسيح هو الله أو هو ابن الله أو ثالث ثلاثةٍ فعبدوه من دون الله بسبب الغلو فيه ولهذا قال
([1]) أخرجه: النسائي رقم (3075)، وأحمد رقم (1851)، والطبراني في « الكبير » رقم (12747).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد