نبينا صلى الله عليه وسلم: «لاَ تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى ابْنَ مَرْيَمَ، -يعني لا تغلو في مدحي وحقي كما غلت النصارى في عيسى فمدحوه ورفعوه فوق البشرية إلى منزلة الربوبية والألوهية-، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ، فَقُولُوا: عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ([1])، فهو صلى الله عليه وسلم عبدٌ لا يُعبَد ورسولٌ لا يُكذَّب بل يطاع ويتبع، وكذلك الغلو في الأشخاص حمل قوم نوحٍ على أن غلوا في الصالحين حتى عبدوهم من دون الله ولما جاءهم نبي الله نوحٌ ونهاهم عن عبادة هؤلاء وأمرهم بتوحيد الله قالوا ﴿لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا﴾ [نوح: 23]، فتمسكوا بشركهم وغلوهم -والعياذ بالله- وعصوا نبي الله نوحًا عليه السلام، والغلو أيضًا في الأشخاص هو الذي حمل القبوريين من هذه الأمة على أن بنوا قبور الصالحين وعبدوهم من دون الله واستغاثوا بهم في الملمات وذبحوا لهم ونذروا لهم وطافوا حول قبورهم وعكفوا عند قبورهم كل ذلك بسبب الغلو في الأشخاص، غلوا في هؤلاء الأشخاص حتى عبدوهم من دون الله عز وجل، والغلو في الدين هو الذي حمل الخوارج على أن خرجوا على المسلمين وتشدَّدوا في الدين حتى آل بهم الأمر إلى أن كفَّروا المسلمين واستحلوا دماءهم فقتلوا الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه وقتلوا الخليفة الراشد علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه وحاولوا قتل غيرهما من الصحابة وكفروهم كل ذلك بسبب الغلو، والغلو يسبب الخروج على ولاة أمور المسلمين وشق عصا الطاعة وتفريق الكلمة كما حصل من الخوارج فإنهم شقّوا عصا الطاعة وحاولوا تفريق كلمة المسلمين واستحلوا دماءهم وأموالهم فهم يقتلون المسلمين ويتركون المشركين
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3261).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد