×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السابع

 قَصَصِهِمۡ عِبۡرَةٞ لِّأُوْلِي ٱلۡأَلۡبَٰبِۗ مَا كَانَ حَدِيثٗا يُفۡتَرَىٰ وَلَٰكِن تَصۡدِيقَ ٱلَّذِي بَيۡنَ يَدَيۡهِ وَتَفۡصِيلَ كُلِّ شَيۡءٖ وَهُدٗى وَرَحۡمَةٗ لِّقَوۡمٖ يُؤۡمِنُونَ [يوسف: 111] فهذا القرآن هو أعظم واعظٍ وهو أعظم مذكِّرٍ لمن ألقى السمع وهو شهيد، أما من يقرؤه قراءة عابرة يمره على لسانه وشفتيه دون أن يصل إلى قلبه فهذا لا يستفيد من هذا القرآن كالماء الذي يجري على أرضٍ سبخةٍ أو كالماء الذي يجري على الصفا من الحجارة لا يكون له أثر وهكذا هذا القرآن، ولهذا أخبر صلى الله عليه وسلم أنه سيقرأ هذا القرآن أناسٌ لا يتجاوز حناجرهم في رواية لا يتجاوز تراقيهم. فاتقوا الله عباد الله، تدبَّروا هذا القرآن الذي ما نزل مثله على البشر وما فيه من العظات والتذكير ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُضۡلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُۥ مِنۡ هَادٍ [الزمر: 23].

ومن المذكِّرات الموت الذي يحصد الناس، الموت الذي يخطف الناس، الموت الذي ينقل الناس وأنتم تشاهدونهم صباحًا ومساءً، ليلاً ونهارًا تجهِّزونهم وتحملونهم إلى قبورهم وتوسدونهم في لحودهم وأنتم عما قليل لاحقون بهم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْر هَادِمِ اللَّذَّاتِ: الْمَوْتِ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَكُونُ فِي كَثِيرٍ إِلاَّ قَلَّلَهُ، وَلاَ فِي قَلِيلٍ إِلاَّ كَثَّرَهُ» ([1])، ويتبع ذلك زيارة القبور قال صلى الله عليه وسلم: «زُورُوا الْقُبُورَ؛ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمْ الآْخِرَةَ» ([2])، فبين أيديكم هذا الواعظ العظيم الموت الذي تشاهدون أفعاله وتشاهدون ما يحصل على الناس من هذا الموت الذي يأخذ


الشرح

([1])  أخرجه: النسائي رقم (1824)، والبيهقي في « الشعب » رقم (10559).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (1569)، وأحمد رقم (1236).