يُخَٰدِعُونَ
ٱللَّهَ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَمَا يَخۡدَعُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا
يَشۡعُرُونَ ٩﴾ [البقرة: 8، 9] إن الإيمان -يا عباد الله- هو قول
باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح، والإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
وأما الإيمان باللسان فقط، وبالجوارح دون إيمان القلب فهذا هو إيمان المنافقين
الذين هم في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا؛ وذلك أنه لما قوي الإيمان
في المدينة ودخل الناس فيه من المهاجرين والأنصار بقي جماعة لا يريدون الإيمان،
ولكن يريدون أن يعيشوا مع المسلمين فتظاهروا بالإيمان دون أن يعتقدوه في قلوبهم
وبقوا يعيشون مع المسلمين فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرهم ووكل سرائرهم إلى
الله عز وجل، وقد ذكر الله صفات المنافقين في آياتٍ كثيرةٍ من القرآن خصوصًا في
سورة التوبة التي تسمى الفاضحة لأنها فضحت المنافقين وهتكت أستارهم ﴿يَحۡذَرُ
ٱلۡمُنَٰفِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيۡهِمۡ سُورَةٞ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي
قُلُوبِهِمۡۚ قُلِ ٱسۡتَهۡزِءُوٓاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخۡرِجٞ مَّا تَحۡذَرُونَ﴾ [التوبة: 64]، وفي سورة: ﴿إِذَا
جَآءَكَ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ﴾
[المنافقون: 1]، وهي سورة خالصة في صفات المنافقين، والنفاق مرض خطير وشر مستطير
وقد ذكر الله آيتين في سورة التوبة أجمل فيهما صفات المنافقين وصفات المؤمنين، قال
تعالى: ﴿ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ
وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ
فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ ٦٧ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ
وَٱلۡكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ هِيَ حَسۡبُهُمۡۚ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُۖ
وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّقِيمٞ ٦٨﴾ [التوبة: 67، 68]، ثم ذكر سبحانه صفات المؤمنين
وجزاءهم فقال: ﴿وَٱلۡمُؤۡ مِنُونَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتُ بَعۡضُهُم ۡ أَوۡلِيَآءُ بَعۡضٖۚ
يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلَوٰةَ
وَيُؤۡتُونَ ٱلزَّكَوٰةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥٓۚ أُوْلَٰٓئِكَ
سَيَرۡحَمُهُمُ ٱللَّهُۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ ٧١