وغير ذلك ليس لهم دين يجمعهم ولا دولة تؤويهم ولا نظام يحكمهم فلما أذن
الله سبحانه وتعالى برحمته نظر إلى أهل الأرض عربهم وعجمهم فمقتهم إلا بقايا من
أهل الكتاب، انقرضوا قبل البعثة فأصبح العالم في ظلام دامس فأذن الله سبحانه
وتعالى بطلوع فجر الإسلام، بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رجلاً واحدًا في عالم
يموج بالشرك والكفر والضلال والطغيان فقام وحده يدعو إلى الله وانضم إليه عدد قليل
ولما سُئل صلى الله عليه وسلم: من معك على هذا الأمر؟ قال: حُرٌّ وعبد. الحر هو
أبو بكر رضي الله عنه والعبد هو بلال، وكانت زوجته خديجة أيضًا ممن ناصره وأيده
وآزره فكان يأوي إليها وهو متعب وهو مهموم فتسري عنه رضي الله عنها وتبشره بأن
الله لن يخذله أبدًا ثم انضم إليهم أعداد قليلة وكانوا مختفين في دار الأرقم بن
أبي الأرقم، وكان الكفار يختطفونهم إلى أن أسلم رجلان قويان هما حمزة بن عبد
المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب فعند ذلك قوي المسلمون وخرجوا
من دار الأرقم وصاروا يذهبون إلى البيت ويطوفون به ولا أحد يستطيع أن يقرب منهم
ومعهم هذان الأسدان الشجاعان.
ومضى صلى الله عليه وسلم في دعوته والمسلمون يتكاثرون حوله وأذى الكفار
يشتد عليه وعلى من أسلم معه ثم إن الله سبحانه وتعالى أذن لنبيه وللمسلمين بالهجرة
إلى المدينة فرارًا بدينهم وليجدوا من يناصرهم ويحميهم فوجدوا إخوانهم من الأنصار
ونصروهم وواسوهم بأموالهم وبيوتهم فعند ذلك قوي الإسلام وشرع النبي صلى الله عليه
وسلم بالجهاد في سبيل الله بأمر الله سبحانه وتعالى، فغزا الكفار والمشركين في
ديارهم ونصره الله عليهم وقامت دولة الإسلام قوية عزيزة كما قال سبحانه وتعالى. ثم
توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما أكمل الله به الدين وأتم به النعمة
وأقام به الحجة فارتد من ارتد من قبائل
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد