وهذا القرآن هو المعجزة الكبرى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو المعجزة الباقية إلى أن تقوم الساعة الدالة على صدقه صلى الله عليه وسلم وصحة رسالته فقد تحدى الله الجن والإنس أن يأتوا بمثله ﴿قُل لَّئِنِ ٱجۡتَمَعَتِ ٱلۡإِنسُ وَٱلۡجِنُّ عَلَىٰٓ أَن يَأۡتُواْ بِمِثۡلِ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانِ لَا يَأۡتُونَ بِمِثۡلِهِۦ وَلَوۡ كَانَ بَعۡضُهُمۡ لِبَعۡضٖ ظَهِيرٗا﴾ [الإسراء: 88] وتحدى العرب أن يأتوا بعشر سورٍ منه أو بسورةٍ واحدةٍ فلم يستطيعوا ذلك وبقي القرآن معجزة خالدة إلى أن تقوم الساعة فهذا من فضل الله سبحانه على هذه الأمة؛ ليبقى لها دستورًا ومرجعًا يرجعون إليه ويهتدون به ويتحاكمون إليه في منازعاتهم وخصوماتهم ويبين لهم طريق الحق فالله جل وعلا أنزله للحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه في عقائدهم وفي منازعاتهم وخصوماتهم وفي جميع أمورهم يتحاكمون إليه ﴿وَمَا ٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِيهِ مِن شَيۡءٖ فَحُكۡمُهُۥٓ إِلَى ٱللَّهِۚ﴾ [الشورى: 10] ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النساء: 59] هو الجد ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، هو حبل الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم فهو كتاب الله العظيم المهيمن على ما تقدمه من الكتب هذا القرآن العظيم لكم فيه خيرات كثيرة في تعلمه وتعليمه قال صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ([1])، وليس المراد بتعلم القرآن تعلم ألفاظه وحروفه وإتقانه بالتجويد فقط ولكن يراد بتعلم القرآن تعلم ألفاظه وحروفه وتعلم معانيه وتعلم العمل به، قال بعض السلف: ما كنا نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم معانيهن والعمل بهن، قال: فتعلمنا العلم والعمل، تعلمنا القرآن.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (4739).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد