×
الخطب المنبرية في المناسبات العصرية الجزء السابع

 سكت الله سبحانه وتعالى عن أشياء «رَحْمَةً لَكُمْ غَيْرَ نِسْيَانٍ فَلاَ تَسْأَلُوا عَنْهَا» ([1])، فالله جل وعلا يتكلم ويسكت سبحانه وتعالى يتكلم ويسكت سبحانه وتعالى يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء يتكلم كيف شاء وبما شاء سبحانه وتعالى فهو سكت عن أشياء لم يحرمها ولم يبحها. فالواجب على المسلم ألا يبحث عنها وأن يقتصر على ما بيَّنه الله ورسوله في كتاب الله وفي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن سكوت الله عنها رحمةٌ لعباده لئلا يحرجهم ويضيق عليهم لا أنه سبحانه وتعالى نسيها فإن الله جل وعلا لا ينسى ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّٗا [مريم: 64] وأما قوله تعالى: ﴿نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ [التوبة: 67] فالمراد بالنسيان هنا الترك أي: لما تركوا طاعة الله تركهم الله في العذاب والعياذ بالله.

وقد اختلف العلماء في هذه الجملة هل كان هذا وقت نزول الوحي في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيءٍ لم ينزل تحريمه ولا إباحته قال بعض العلماء بذلك أخذًا من قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَسۡ‍َٔلُواْ عَنۡ أَشۡيَآءَ إِن تُبۡدَ لَكُمۡ تَسُؤۡكُمۡ وَإِن تَسۡ‍َٔلُواْ عَنۡهَا حِينَ يُنَزَّلُ ٱلۡقُرۡءَانُ تُبۡدَ لَكُمۡ عَفَا ٱللَّهُ عَنۡهَاۗ [المائدة: 101] ولما قال صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْحَجُّ، فَحُجُّوا، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ أَعَادَ الرَّجُلُ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ أَعَادَ فَسَكَتَ عَنْهُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم،. ثُمَّ أَعَادَ فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: لَوْ قُلْت: نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ، الْحَجُّ مَرَّةً وَاحِدَةً فَمَا زَادَ فَهُوَ تَطَوُّعٌ ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ» ([2]). وقيل إن الحديث عامٌّ في


الشرح

([1])  أخرجه: الدارقطني رقم (42)، والطبراني في « الكبير » رقم (589).

([2])  أخرجه: مسلم رقم (1337).