بألا يخبر إلا عما يعلمه أو يغلب على ظنه أنه صدقٌ إذا كان في الإخبار عنه فائدةٌ، وأما الصدق في المعاملات فذلك بأن يتعامل مع الناس بالمعاملة الطيبة فلا يغش ولا يكذب ولا يخون ولا يغدر، فهذا هو الصدق في التعامل مع الناس وفي هذا الحديث: «إِنَّ الرَّجُلَ لَيَصْدُقُ»، يصدق في ما يصدر منه ويتحرى الصدق فلا يخبر إلا بما يعلم أنه صدق، أما ما يشك فيه فإنه لا يخبر عنه ولا يتحدث به، إنما يتحرى الصدق فيما يسمع وفيما ينقل من الأقوال والأخبار، قال الله جل وعلا: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِن جَآءَكُمۡ فَاسِقُۢ بِنَبَإٖ فَتَبَيَّنُوٓاْ﴾ -يعني تثبتوا- {أ أَن تُصِيبُواْ قَوۡمَۢا بِجَهَٰلَةٖ فَتُصۡبِحُواْ عَلَىٰ مَا فَعَلۡتُمۡ نَٰدِمِينَ﴾ [الحجرات: 6]، فالمؤمن يتحرى الصدق ولا يستعجل في الأمور ويتحدث عن كل ما سمع، وفي الحديث: «كَفَى بِالْمَرْءِ إِثْمًا -كَذِبًا- أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» ([1]) أنت تسمع أشياء كثيرةً إما مشافهةً من الناس وإما فيما ينقل من الأخبار فعليك أن تتثبت فيما تسمع ولا تنشر هذا إلا إذا كان يترتب على نشره فائدةٌ ومصلحةٌ أما إذا لم تتثبت مما تسمع أو مما تقرأ فإنك تتوقف، وكذلك إذا لم يكن هناك فائدةٌ حتى ولو ثبت عندك فإنك لا تخبر به. قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ»، والبر هو جميع خصال الخير مثل كلمة التقوى فإن كلمة التقوى تجمع كل خصال الخير، فكذلك البر فإنه يجمع كل خصال الخير والصدق يهدي إلى ذلك يهديك إلى أن تكون من أهل البر وأن تكون بارًّا والله جل وعلا يقول: ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ [الانفطار: 13]، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ»، فالبر يدخل صاحبه الجنة ﴿إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ لَفِي نَعِيمٖ﴾ [الانفطار: 13]، وهذه مرتبة عظيمة ومنقبة كريمة لأهل الصدق والوفاء فيما بينهم وبين الله وفيما بينهم وبين الناس «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ
([1]) أخرجه: مسلم رقم (5).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد