الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ»، والفجور هو الخروج عن طاعة الله سبحانه وتعالى فكما أن الصدق يهدي إلى
البر وهو الدخول في طاعة الله فإن الكذب يهدي إلى الفجور وهو الخروج عن طاعة الله
سبحانه وتعالى: «وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى
الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ»، كما قال تعالى: ﴿وَإِنَّ ٱلۡفُجَّارَ لَفِي
جَحِيمٖ﴾ [الانفطار: 14]، هذا ما يؤول إليه الفجور، يؤول إلى أسوأ عاقبة وأسوأ
نتيجة وهو أن يكون صاحبه من أهل الجحيم والعياذ بالله.
«وَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ»، لا يزال الرجل يصدق يعني يلازم الصدق بجميع أقواله مهما كلَّفه الأمر ولو
ناله من وراء ذلك ما يناله فإنه يتمسك بالصدق «وَلاَ يَزَالُ الرَّجُلُ
يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ»، يتحرى الصدق فيما يبلغه من الأخبار وفيما
يقال له وفيما يشاع وينشر وفيما يكتب، يتحرى الصدق لأن الكذب كثيرٌ فعليه أن يتحرى
الصدق ويترك الكذب فإنه إذا فتح لنفسه باب الكذب فإنه لا يتحرى التحرز من الكذب
فيما يسمعه وفيما يقرؤه وفيما يبلغه من الأخبار والإشاعات بل إنه يفرح بكل ما يسمع
ويبادر بنشره وإشاعته فيكون من الذين قال الله جل وعلا فيهم: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ
أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا
وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [النور: 19] والكذب يكون
كذبًا على الله جل وعلا قال تعالى: ﴿وَمَنۡ
أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا﴾ [الأنعام: 21] وقال سبحانه وتعالى: ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّن
كَذَبَ عَلَى ٱللَّهِ وَكَذَّبَ بِٱلصِّدۡقِ إِذۡ جَآءَهُۥٓۚ أَلَيۡسَ فِي
جَهَنَّمَ مَثۡوٗى لِّلۡكَٰفِرِينَ﴾ [الزمر: 32] فالذي يكذب على الله هو أظلم الظالمين لا أحد أظلم منه، وذلك
بأن يقول: إن الله أحلَّ كذا أو حرَّم كذا ويفتي بغير دليل، الله جل وعلا يقول: ﴿وَلَا تَقُولُواْ لِمَا
تَصِفُ أَلۡسِنَتُكُمُ ٱلۡكَذِبَ﴾ [النحل: 116] بأن تخبروا بشيء لا حقيقة له ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ
يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ لَا يُفۡلِحُونَ﴾ [يونس: 69]