المَلائكَةِ
وامتِنَاعِهم عَنِ التَّكَبُّرِ عَلَيْه، فلَوْ كَانَ المُرادُ أَنَّه خلَقَهُ
بقُدْرَتِه أو بنِعْمَتِه أو مُجرّد إضَافَةِ خَلْقِه إليه لشَارَكَه فِي ذَلِكَ
إِبْلِيسُ وجَمِيعُ المَخْلُوقاتِ.
قَالَ لي: قد
يُضَافُ الشَّيءِ إِلَى اللهِ عَلَى سَبِيلِ التَّشْرِيفِ كقَوْلِهِ: «ناقة اللهِ،
وبيتُ اللهِ».
قلت له: لا
تَكُون الإضَافَةُ تَشْريفًا حَتَّى يَكُونَ فِي المُضافِ مَعْنًى أفْرَدَه به عَن
غَيْرِه، فَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي النَّاقَةِ أو البَيْتِ من الآيَاتِ البَيِّنَاتِ
ما تَمْتَازُ به عَلَى جَمِيعِ النُّوقِ والبُيوتِ لمَا اسْتَحَقَّا هَذِهِ
الإضافَةِ، والأمرُ هنا كَذلِكَ، فإضَافَةُ خَلْقٍ إليه أَنَّه خَلَقَه بيدَيْهِ
يُوجِبُ أنْ يَكُونَ خَلَقَه بيَدَيْهِ أَنَّه قَد فعَلَهُ بيَدَيْهِ، وخَلَقَ هَؤُلاَءِ
بقَولِهِ: {كُن فَيَكُونُۚ﴾ [الأنعام: 73] ،
كَمَا جاءَتْ به الآثَارُ، ومن ذَلِكَ أَنَّهم إِذَا قَالُوا: بيَدِ المَلِكِ، أو:
عمِلَتْهُ يَدَاكَ، فهُمَا شَيئَانِ أحَدُهُما: إثْبَاتُ اليَدِ، والثاني:
إضَافَةُ المُلكِ والعَمَلِ إليْهِمَا، والثَّاني يَقعُ فِيهِ التجوُّزُ كثيرًا
أمَّا الأَوَّل فإِنَّهم لا يُطْلِقُون هَذَا الكَلامَ إلاَّ لجِنْسٍ له يَدٌ
حَقِيقةً، ولا يَقُولون: يَدُ الهَوَى، ولا يَدُ المَاءِ، فهَبْ أنَّ قولَهُ: {بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ﴾ [الملك: 1] قد
عُلِمَ مِنْهُ المُرادُ بقُدْرَتِه لكن لا يَجُوزُ ذَلِكَ إلاَّ لمَنْ كَانَ له
يَدٌ حَقِيقةً، والفَرْقُ بينَ قولِهِ تَعَالَى: {لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] ، وقولِهِ: {مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ﴾ [يس: 71] من وَجْهَينِ:
أحَدُهُما: أَنَّه هنا أضَافَ الفِعْلَ إليه وبيَّنَ أَنَّه خلَقَهُ
بيَدِه، وهناكَ أضافَ الفِعْلَ إِلَى الأَيدِي.
الثَّانِي: أنَّ من لُغَةِ العَربِ أَنَّهم يضَعُونَ اسْمَ الجمعِ موضِعِ التَّثنِيَةِ إِذَا أُمِنَ اللَّبْسُ كقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَٱلسَّارِقُ وَٱلسَّارِقَةُ فَٱقۡطَعُوٓاْ أَيۡدِيَهُمَا﴾
الصفحة 13 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد