وَرَسُولُهُ» ([1])، ولَمْ يقل: حَتَّى يشهَدُوا أن لاَّ رَبَّ إلاَّ الله،
وكَذَلِكَ قولُه لمُعاذٍ: «إِنَّكَ
تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ
شَهَادَة أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» ([2])، وقَالَ نوحٌ عليه السلام : {أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُ
وَأَطِيعُونِ﴾ [نوح: 3] ، وكَذَلِكَ
الرُّسُلُ في سورةِ الأعرافِ وغيرها.
***
طريقَةُ
أهلِ السُّنَّةِ ومخالفيهم في إثباتِ العقَائِدِ
قالَ رحمه الله
: والَّذِي أكْتُبُه هُنا بيانَ الفِرَقِ بَيْنَ المنهاجِ النبَوِيِّ الإيمانِيِّ
العلميِّ الصلاحيِّ، والمنهاجِ الصَّابئِ الفلسفيِّ، وما تشعَّبَ عنه مِنَ
المنهاجِ الكلاميِّ والعبادي المخالف لسَبيلِ الأنبياء وسُنَّتِهم، وذَلِكَ أنَّ
الأنبياءَ دعوا النَّاسَ إِلَى عبادَةِ اللهِ أوَّلاً، بالقلبِ واللِّسانِ،
وعبادَتُه متضمِّنَةٌ لمعرفَتِه وذِكْرِه، فأصْلُ علْمِهم وعَمَلِهم هُوَ العِلْمُ
باللهِ والعمل لله، وذَلِكَ فِطْريٌّ ضروريٌّ، وأنَّهُ أشدُّ رُسُوخًا في النُّفوسِ
من مبدأ العلمِ الرياضيِّ كقولنا: إنَّ الواحدَ نصفُ الاثنينِ، ومبدأُ العلمِ
الطَّبيعيِّ كقولنا: إنَّ الجسمَ لا يَكُونُ في مكانينِ؛ لأنَّ هَذِهِ المعارِفَ
أسماءٌ قد تُعْرِض عنها أكثرُ الفِطَرِ، وأَمَّا العِلمُ الإلهيّ فما يتصوّر أنْ
تُعْرِضَ عنه فطرةٌ.
والغرضُ هنا أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لما كَانَ هُوَ الأوَّلُ الَّذِي خلق الكَائناتِ، والآخرُ الَّذِي تصيرُ إِلَيْهِ الحادثاتُ فهو الأصلُ الجامعُ فالعلمُ به أصلُ كُلِّ علمٍ وجامِعُه، وذِكْرُه أصلُ كُلّ كلامٍ وجامِعُه، ولَيْسَ للخلقِ صلاحٌ إلاَّ في معرفةِ رَبِّهم وعبَادته، وإِذَا حصلَ لهم ذَلِكَ فما سِوَاهُ
([1])أخرجه: البُخْارِيّ رقم (1399)، ومسلم رقم (20).
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد