لا ينفَعُ فِي
الحقِيقَةِ إلاَّ الله ولاَ يَضرُّ غيرُه، فمَن سلكَ هَذَا المسْلكَ العظِيمَ
استراحَ من عُبودِيَّةِ الخَلقِ ونظَره إليهم، وأراحَ النَّاسَ من لَومِهِ وذَمِّه
إيَّاهُم، وتجرَّدَ التَّوحيدُ فِي قَلْبِه فقَوِيَ إيمَانُه وانشَرَحَ صَدْرُه
وتنَوَّرَ قَلْبُه، ومن تَوكَّلَ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ.
وأَمَّا
الشِّرْكُ الخَفِيُّ فَهُوَ الَّذِي لا يَكادُ أحدٌ يسلَمُ منه مثل أن يُحِبَّ معَ
اللهِ غَيرَه، فإِذَا نقصَ خوفُ العبدِ من رَبِّهِ خافَ المخْلُوقُ، وطَريقُ
التَّخلُّصِ من هَذِهِ الآفاتِ كُلِّهَا الإخلاصُ للهِ عز وجل قَالَ اللهُ
تَعَالَى: {فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا
وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا﴾ [الكهف: 110] ، ولا يحْصُلُ الإخلاصُ إلاَّ
بزهْدٍ ولا زُهْدَ إلاَّ بتَقْوَى، والتَّقْوَى مُتابَعةُ الأَمْرِ والنَّهيِ.
***
بيانُ
أنوَاعِ الشِّرْكِ
قَالَ رحمه الله : ذَكَرَ اللهُ عن إمَامِنَا إبْرَاهِيمَ خَليلِ اللهِ أَنَّه قَالَ لمُنَاظِرِيه مِنَ المُشْرِكينَ الظَّالِمينَ: {ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَلَمۡ يَلۡبِسُوٓاْ إِيمَٰنَهُم بِظُلۡمٍ أُوْلَٰٓئِكَ لَهُمُ ٱلۡأَمۡنُ وَهُم مُّهۡتَدُونَ ٨٢وَكَيۡفَ أَخَافُ مَآ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗاۚ فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨١﴾ [الأنعام: 81- 82] . وفي الصَّحيحِ ([1]) من حَديثِ عبدِ اللهِ بن مَسعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فسَّرَ الظُّلْمَ بالشِّرْكِ وقالَ: «أَلَمْ تَسْمَعُوا إِلَى قَوْلِ العَبْدِ الصَّالِحِ: {إِنَّ ٱلشِّرۡكَ لَظُلۡمٌ عَظِيمٞ﴾ [لقمان: 13] ؟» فأنكرَ أن نَخافَ ما أشْرَكُوهم باللهِ من جميعِ المخْلُوقاتِ العلويَّاتِ والسُّفليَّاتِ وعَدم خَوفِهم من إِشْرَاكِهم باللهِ شَريكًا لم ينزِّلِ اللهُ به سُلطَانًا، وبيَّنَ أَنَّ القِسْمَ
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد