إِلَى أن قالَ: ولمَّا كَانَ المُلْكُ الحَقُّ
للهِ وحْدَه ولا مَلِكٌ عَلَى الحقيقةِ سِوَاه كَانَ أخنعُ اسمٍ ([1])، وأوضَعُه عِنْدَ اللهِ وأغضَبُه لَهُ اسم: «شَاهَان
شَاه»؛ أي: ملِكُ المُلوكِ، وسُلطَانُ السَّلاطين؛ فإن ذَلِكَ لَيْسَ لأحَدٍ غير
الله فتسْمِيَةُ غيره بذلك أبْطلُ الباطلِ، وقَدْ ألحقَ بَعْضُ أهلِ العلمِ بهذا:
قاضِي القُضَاة، وقَالَ: لَيْسَ قاضِي القُضاةِ إلاَّ من يَقْضِي بالحَقِّ وَهُوَ
خيرُ الفاصِلِينَ، الَّذِي إِذَا قضَى أمرًا فإنَّمَا يقولُ لَهُ: كُنْ فيكُونُ،
ويلي هَذَا الاسمَ في الكرَاهَةِ والقُبحِ والكذبِ سيِّدُ النَّاسِ، وسيِّدُ
الكُلِّ ولَيْسَ ذَلِكَ إلاَّ لرسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خاصَّة كَمَا
قالَ: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ» ([2])، فلا يَجُوزُ لأحدٍ قَطّ أن يقولَ عَنْ غيره: إِنَّهُ
سَيِّد النَّاسِ، وسيِّدُ الكلّ، كَمَا لا يَجُوزُ أن يقولَ: أنا سَيِّدُ ولَدِ
آدمَ.
***
طريقَةُ
الأنبياءِ وأتْبَاعِهم الاستدلالُ بالوَحْيِ المُنزَّلِ
قالَ رحمه الله : إنَّ أصلَ العلمِ الإلهيَّ ومبدَأَه ودَليلَهُ الأوَّلَ عِنْدَ الَّذِينَ آمنوا هُوَ الإيمانُ باللهِ ورسولِه، وعند الرَّسُول صلى الله عليه وسلم هُوَ وحيُ الله إِلَيْهِ كَمَا قالَ خاتمُ الأنبياء: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، فَإِذَا عَلِمُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا» «[3])، وقَالَ اللهُ تَعَالَى لَهُ {قُلۡ إِن ضَلَلۡتُ فَإِنَّمَآ أَضِلُّ عَلَىٰ نَفۡسِيۖ وَإِنِ ٱهۡتَدَيۡتُ فَبِمَا يُوحِيٓ إِلَيَّ رَبِّيٓۚ﴾ [سبأ: 50] ، وقَالَ {وَوَجَدَكَ ضَآلّٗا
([1])كما أخرجه: البخاري رقم (6205)، ومسلم رقم (2143).
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد