×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

الفَرْقُ بَيْنَ أولياءِ اللهِ وأولياءِ الشَّيطانِ

ذكر رحمه الله فُرُوقًا بَيْنَ أولياءِ اللهِ وأولياءِ الشَّيطانِ يتميَّزُ بها كُلٌّ مِنَ الفريقَيْنِ، عَلَى ضوءِ قَوْلِهِ تَعَالى: {هَلۡ أُنَبِّئُكُمۡ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَٰطِينُ ٢٢١تَنَزَّلُ عَلَىٰ كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٖ ٢٢٢يُلۡقُونَ ٱلسَّمۡعَ وَأَكۡثَرُهُمۡ كَٰذِبُونَ ٢٢٣ [الشعراء: 221- 223] ؛ فهذه الآياتُ تُبَيِّنُ أولياءَ الشَّيطانِ، أمَّا أولياء الرَّحمنِ فقَد قالَ تَعَالَى: {أَلَآ إِنَّ أَوۡلِيَآءَ ٱللَّهِ لَا خَوۡفٌ عَلَيۡهِمۡ وَلَا هُمۡ يَحۡزَنُونَ ٦٢ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ ٦٣ [يونس: 62- 63] .

قالَ الشَّيخ رحمه الله في صفَةِ أولياءِ الشَّيطانِ: وهَؤُلاَءِ لا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فيهِم كذِبٌ، وفيهم مخالفَةٌ للشَّرْعِ، ففيهم مِنَ الإِثْمِ والإفكِ بحسب ما فارَقُوا أمرَ اللهِ ونَهْيَه الَّذِي بعثَ اللهُ به نَبِيَّه صلى الله عليه وسلم وتلك الأحوالُ الشَّيطانية نتيجة ضَلالِهم وشِرْكِهم وبدعَتِهم وجَهْلِهم وكُفْرِهم، وهِيَ دلالةٌ وعلامةٌ عَلَى ذَلِكَ.

والجاهِلُ الضَّالُّ يظنُّ أنَّهَا نتِيجَة إيمَانهم وولايتهم للهِ، وأنَّهَا علامةٌ ودلالةٌ عَلَى إيمَانِهم وولايتهم للهِ سُبْحَانَهُ، وذلك أنَّهُ لَمْ يَكُنْ عنده فُرقانٌ بَيْنَ أولياءِ الرَّحمنِ وأولياء الشَّيطان، ولَمْ يعلَمْ أنَّ هَذِهِ الأحوالَ الَّتِي جعلَهَا دليلاً عَلَى الولايَةِ تكون للكُفَّارِ مِنَ المشركينَ وأهلِ الكِتَابِ أعظَم مِمَّا تكونُ للمُنتَسِبِينَ إِلَى الإسلامِ، والدَّليلُ مستلزمٌ للمدْلُولِ مختصٌّ به لا يُوجَدُ بدون مَدْلُوله، فإِذَا وجدت للكُفَّارِ والمشركين وأهل الكتابِ لَمْ تكن مُستَلْزِمَةً للإيمانِ فضلاً عَنِ الولايةِ، ولا كانت مختصَّة بذلك، وأولياءُ اللهِ هم المُؤْمِنونَ المُتَّقون، وكرَامَاتهم ثَمرَةُ إيمَانِهم وتَقْوَاهم لا ثمرة الشَّكِّ والبدعة والفِسْقِ.


الشرح