المقدمة
بسم الله
الرحمن الرحيم، الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَل في كُلِّ زمانٍ فَتْرةً من الرُّسل
بَقَايا من أَهْل العِلْمِ يَدْعون مَنْ ضلَّ إِلَى الهدى، ويَصْبرون منهم عَلَى
الأذى، يُحْيون بكتاب الله عز وجل المَوْتى، ويُبصِّرون بنور الله أَهْل العَمَى،
فَكَمْ من قتيلٍ لإبليسَ قَدْ أَحْيَوه، وكَمْ من ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوْه.
فَمَا أحسنَ
أَثرَهم عَلَى النَّاس، وأَقْبَح أثر النَّاس عَلَيْهم! يَنْفون عن كِتَابِ الله
تحريفَ الغَالِينَ، وانْتحَال المُبْطلينَ، وتَأْويل الجَاهِلِين الَّذِي عَقَدوا
أَلْويةَ البِدْعَة، وأَطْلقوا عَنَان الفتنة، فهُمْ مُخْتلفُون في الكِتَابِ،
مُخَالفون للكِتَابِ، مُجْمعون عَلَى مُفَارقة الكِتَابِ، يَقُولون عَلَى الله،
وفي الله، وفي كِتَابِ الله بغَيْر عِلْمٍ، يَتكلَّمون بالمُتَشابه من الكَلاَم،
ويَخْدعون جُهَّال النَّاس بما يُشبِّهون عَلَيْهم، فنَعُوذُ بالله من فِتَنِ
المُضلِّين.
وأَشْهَد أنْ
لاَ إلَهَ إلاَّ الله وَحْده لا شَريكَ لَه، وأَشْهدُ أَنَّ مُحمَّدًا عبدُهُ
ورَسُوله - صلَّى الله عَلَيْه وعَلَى آلِهِ وأصحابِهِ -، وبَعْد:
فمن المَعْلوم أَنَّه كلَّما تأخَّر الزَّمان، وبَعُدَ النَّاسُ عن آثار الرِّسالة حَدَثت البدعُ والخُرَافاتُ، وفَشَا الجهلُ، واشتدَّت غُرْبة الدِّين، وظنَّ النَّاس ما وَجَدوا عَلَيْه آباءهم هو الدِّين وإنْ كان بعيدًا عنه، وَلَكن اللهَ سُبْحانه لاَ يُخْلي الأرضَ من قَائِمٍ لله بحُجَّةٍ، وقَدْ أخبر الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم بأنَّ طائفةً من المسلمين لا تزالُ عَلَى الحقِّ لا يَضرُّهم مَنْ خَذَلهم ولا مَنْ خَالَفهم حَتَّى يَأْتِيَ أمرُ الله تَعَالى ([1]).
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد