وأمَّا
مُتَكَلِّمَةُ أهلِ الإثباتِ مِنَ الكُلاَّبيةِ والكَرَّاميَّةِ والأَشْعَرِيَّةِ
مَعَ الفُقَهاءِ والصوفِيَّةِ وأهلِ الحَدِيثِ؛ فهَؤُلاءِ في الجُمْلَةِ لا
يَطْعَنُونَ فِي السلَفِ، بل يُوَافِقُونَهُم فِي أكثرِ جُمَلِ مَقَالاَتِهِم،
لكنَّ كلَّ مَن كانَ بِالحَدِيثِ مِن هَؤُلاءِ أعلمَ كانَ بمذهَبِ السَّلَفِ أعلمَ
وله اتَّبَعَ، وإنَّما يُوجَدُ تَعظيمُ السلَفِ عندَ كلِّ طائِفةٍ بِقَدْرِ
استِنَانِها وقِلَّةِ ابْتِدَاعِهَا، أما أن يَكُونَ انْتِحَالُ السلَفِ مِن
شَعَائِر أهلِ البِدَعِ فهذا بَاطِلٌ قَطْعًا.
***
بُطْلاَنُ
مَقَالَةِ إِنَّ طَرِيقةَ السَّلَفِ أَسْلَمُ وطَرِيقَةِ
الخَلَفِ
أَحْكَمُ
يُبَيِّنُ
الشيخُ رحمه الله خَطَأَ مَقَالَةِ مَنْ يَقُولُ إنَّ طريقةَ السلَفِ أَسْلَمُ
وطَرِيقةَ الخَلَفِ أَعْلَمُ وأَحْكَمُ! فَيَقُولُ: وتارةً يَجْعَلُونَ إخْوَانَهم
- يَعنِي علماءَ الكَلامِ - أَحْذَقَ وأعْلَمَ مِنَ السَّلَفِ، ويَقُولونَ: طريقةُ
السَّلَفِ أَسْلَمُ وطَرِيقَةُ هَؤُلاءِ أعلمُ وأحْكَمُ، فَيَصِفُونَ إخوانَهُم
بالفَضِيلةِ فِي العِلمِ والبَيَانِ، والتحقِيقُ والعِرفَانُ، والسَّلَفُ
بالنَّقْصِ فِي ذلكَ والتَّقْصِيرُ فِيهِ، أو الخَطَأُ والجَهْلُ، وغَايَتُهُم
عِنْدَهُم أَنْ يُقِيمُوا أَعْذَارَهُم فِي التَّقْصِيرِ والتفْرِيطِ، ولا رَيْبَ
أنَّ هذا شُعْبَةٌ مِنَ الرَّفْضِ؛ فإنه وإِنْ لَم يَكُنْ تَكْفِيرًا للسَّلَفِ
كما يَقُولُه مَن يَقُولُه مِنَ الرَّافِضَةِ والخَوَارِجِ، ولا تَفْسِيقًا لَهُم
كَمَا يَقُولُه مَنْ يَقُولُه مِن المعتزِلَةِ والزَّيديَّةِ وغيرِهِم؛ كانَ
تَجْهِيلاً وتَضْلِيلاً ونِسْبةً لَهُم إلى الذنُوبِ والمَعَاصِي، وإنْ لَم يَكُنْ
فِسقًا فزعمًا أنَّ أهلَ القُرونِ المَفْضُولَةِ في الشَّريعةِ أَعْلَمُ وأَفْضَلُ
مِن أهلِ القُرونِ الفَاضِلَةِ!
ومِنَ المَعلومِ بالضرورةِ لمِنْ تَدَبَّر الكِتَابَ والسُّنَّةَ ومَا اتَّفَقَ عليهِ أهلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ «أَنَّ خَيْرَ قُرُونِ هَذِهِ الأُْمَّةِ فِي
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد