×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 الإسلامُ دِينُ جَمِيعِ الرُّسُلِ و إن تنوَّعَتْ

 شَرَائِعُهم

دينُ الإسلامِ هُوَ دينُ جميعِ الرُّسُلِ وإن تنوَّعَتْ شرائِعُهم، والإسلامُ معناه: الاسْتِسْلامُ للهِ بعبَادَتِه حَسبما شَرَعَه في كُلّ وقْتٍ، والانتقالُ مِنَ الشِّرْعَةِ المنسوخَةِ إِلَى الشِّرْعَةِ النَّاسِخَةِ طَاعةٌ لله، وأنَّ من زعمَ أنَّهُ مسلمٌ مع بقائِه عَلَى الشَّرعِ المَنسُوخِ فلَيسَ بمُسْلِمٍ، كَمَا ذَكَرَ الشَّيخُ رحمه الله أنَّهُ لمَّا أنزَلَ اللهُ تَعَالَى: {وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [آل عمران: 85] ، قالتِ اليَهُودُ والنَّصَارى: فنَحْنُ مُسلِمُونَ فأنزلَ اللهُ: {وَلِلَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ [آل عمران: 97] ، فقالوا: لا نَحُجُّ، فقَالَ تَعَالَى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ ٱلۡعَٰلَمِينَ [آل عمران: 97] ؛ فإِنَّ الاستسلامَ للهِ لا يتمُّ إلاَّ بالإقْرَارِ بما لَهُ عَلَى عبادَةِ مَن حَجَّ البَيْتَ، كَمَا قالَ صلى الله عليه وسلم «بُنِيَ الإِْسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ، وَحَجِّ الْبَيْتِ» ([1])، ولِهَذَا لمَّا وقَفَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بعرفَةَ أنزلَ اللهُ: {ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ [المائدة: 3] .

ثُمَّ قالَ الشَّيخُ رحمه الله مُبيِّنًا الفرقَ بَيْنَ الإسلامِ العامِ الَّذِي عَلَيْهِ جَميعُ الأنبياءِ، والإسلامُ الخاصُّ الَّذِي بُعِثَ به مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: وقَدْ تنازعَ النَّاسُ فيمَنْ تقدَّم َمن أُمَّةِ مُوسَى، وعِيسَى هل هُم مُسْلِمُون أم لا؟ وَهُوَ نزاعٌ لفظِيٌّ؛ فإِنَّ الإسلامَ الخاصَّ الَّذِي بُعِثَ به مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم المتضمِّنُ لشريعَةِ القُرْآن لَيْسَ عَلَيْهِ إلاَّ أُمَّة مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم والإسلامُ اليَومَ عِنْدَ الإطْلاقِ


الشرح

([1])أخرجه: البُخْارِيّ رقم (8)، ومسلم رقم (16).