يتناوَلُ هَذَا، وأَمَّا الإسلامُ العامُّ
المُتناوَلُ لكُلِّ شريعَةٍ بعَثَ اللهُ بها نبيًّا فإِنَّهُ يتناول إسلام كُلّ
أُمَّةٍ متَّبعة لنَبيٍّ مِنَ الأنبياءِ، ورأسُ الإسلامِ مُطْلقًا: شهادَةُ أن لا
إله إلاَّ الله، وبها بُعِثَ جَمِيعُ الرُّسُلِ، كَمَا قالَ تَعَالَى: {وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ
ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36] ،
وقَالَ تَعَالَى: {وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ
مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25] ، وقَالَ عَنِ الخليلِ: {وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦٓ إِنَّنِي بَرَآءٞ مِّمَّا
تَعۡبُدُونَ ٢٦إِلَّا ٱلَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُۥ سَيَهۡدِينِ ٢٧وَجَعَلَهَا
كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ٢٨﴾ [الزخرف: 26- 28] .
إِلَى أنْ قالَ
رحمه الله : وذكرَ عَنْ رُسُلِه نُوحٍ، وهُودٍ، وصَالحٍ وغيرِهم أنَّهُم قالُوا
لقَومِهم: {ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرُهُۥٓ﴾ [الأعراف: 59] ، وقَالَ عَنْ أهلِ الكَهفِ: {نَّحۡنُ نَقُصُّ عَلَيۡكَ نَبَأَهُم بِٱلۡحَقِّۚ إِنَّهُمۡ فِتۡيَةٌ ءَامَنُواْ
بِرَبِّهِمۡ وَزِدۡنَٰهُمۡ هُدٗى ١٣وَرَبَطۡنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمۡ إِذۡ قَامُواْ فَقَالُواْ
رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ لَن نَّدۡعُوَاْ مِن دُونِهِۦٓ إِلَٰهٗاۖ
لَّقَدۡ قُلۡنَآ إِذٗا شَطَطًا ١٤﴾ [الكهف: 13- 14]
، وقَدْ بَيَّنَ في كتَابِه الشِّرْكَ بالملائِكَةِ، والشِّرْكَ بالأنبيَاءِ،
والشِّرْكَ بالكَواكِبِ، والشِّرْكَ بالأصْنَامِ، وأصلُ الشِّرْكِ الشِّرْكُ
بالشَّيطانِ، ثُمَّ ذَكَرَ الآياتِ الواردَةَ بذلك إِلَى أنْ قالَ: ومعلومٌ أنَّ
أحدًا مِنَ الخلقِ لَمْ يزعُمْ أنَّ الأنبياءَ والأحبارَ والرُّهبانَ والمسيحَ
ابنَ مريمَ شارَكُوا اللهَ في خلقِ السَّمَواتِ والأرضِ، بل ولا زعَمَ أحَدٌ مِنَ
النَّاسِ أنَّ العالمَ لَهُ صانِعَانِ متكافِئَانِ في الصِّفاتِ والأفعالِ، بل ولا
أثبتَ أحَدٌ من بنِي آدمَ إلهًا مساويًا للهِ في جميعِ صفَاتِهِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الشَّيخُ رحمه الله أنَّ بَعْضَ المتصوِّفَةِ يُشَارِكُون عُلماءَ الكلامِ في هَذِهِ النظرَةِ القاصرَةِ إِلَى التوحيدِ، وهي الاكتفاءُ بتوحيدِ الرُّبوبِيَّةِ، وهي