وهذه رِدَّةٌ
عن الإِسلاَمِ باتِّفَاقِ المُسلِمِينَ، وإِنْ كَانَ قَد يَكُونُ تَابَ وعَادَ
إِلى الإِسلاَمِ.
ومِنَ العَجَبِ
أَنَّ أهلَ الكَلامِ يَزْعُمُونَ أنَّ أهلَ الحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ أهلُ تقليدٍ
لَيسُوا أَهْلَ نَظَرٍ واسْتِدْلاَلٍ، وأنَّهُم يُنْكِرُونَ حُجَّةَ العَقْلِ،
فيُقَالُ لَهُم: لَيسَ هَذَا بِحَقٍّ؛ فإنَّ أهلَ السُّنَّةِ والحَدِيثِ لا
يُنْكِرُونَ ما جَاء بِه القُرآنُ، هذا أصلٌ مُتَّفَقٌ عليهِ بَيْنَهُم، واللهُ
قَد أَمَرَ بالنَّظَرِ والتَّفكُّرِ والاعْتِبَارِ وَالتَّدَبُّرِ فِي غَيرِ
آيَةٍ، ولا يُعْرَفُ عَن أَحَدٍ مِنَ سلَفِ الأُمَّةِ ولا أَئِمَّةِ السُّنَّةِ
وعُلَمَائِها أنه أنْكَر ذَلِكَ، بل كُلُّهُم مُتَّفِقُونَ على الأمرِ بِمَا
جَاءَتْ بِه الشَّرِيعَةُ مِنَ النَّظَرِ والاسْتِدْلاَلِ ولفظُ الكَلاَمِ،
فإنَّهُم أنكَرُوا ما ابْتَدَعَهُ المُتَكلِّمونَ مِن بَاطلِ نَظرِهم وكلامِهِم
واستِدلاَلِهم، فاعتَقُدوا أنَّ إِنْكَارَ هذا مُسْتَلْزِمٌ لإنكَارِ جِنسِ النظرِ
والاستِدلالِ، وهَكَذا كَمَا أَنَّ طائِفةً مِن أهلِ الكَلاَم تُسَمِّي ما
وضعتْهُ: أصولُ الدِّينِ، وهذا اسمٌ عَظيمٌ والمُسَمَّى به فيه فسادُ الدِّينِ،
فإذَا أنكَر أَهْلُ الحَقِّ والسُّنَّةُ ذلك؛ قال المُبْطِلُ: قد أنْكَرُوا أُصولَ
الدِّينِ! وهُم لاَ يُنْكِرونَ ما يَسْتَحِقُّ أن يُسَمَّى أُصُولَ الدِّينِ،
وإنَّما أنْكَرُوا ما سمَّاه المُبْتَدِعَةُ أُصُولَ الدِّينِ، وهِي أَسْمَاءٌ
سَمَّوها هُم وآباؤُهُم ما أَنْزَل اللهُ بِها مِنْ سُلْطَانٍ، فالدِّينُ ما
شَرَعَهُ اللهُ ورَسُولُه وقَدْ بَيَّنَ أُصُولَهُ وفُرُوعَهُ، ومِنَ المُحَالِ أن
يَكُونَ الرَّسُولُ قد بيَّنَ فُروعَ الدينِ دُونَ أُصولِهِ.
***
اتِّبَاعُ
الكِتَابِ والسُّنَّةِ يَعْصِمُ مِنَ الْخَطَأِ والضَّلالِ
يُبَيِّنُ الشيخُ رحمه الله أنَّ العِصمةَ مِن الخَطَأِ والنجاةَ مِن الضلاَلِ إنَّما يَحْصُلاَنِ باتِّبَاعِ الكِتَابِ والسُّنَّةِ، وأنَّ الخَطَأَ والضَّلالَ والهَلاَكَ إنَّما
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد