وأَمَّا
الحديثُ الآخرُ فهو في الصَّحِيحِ مفسَّرًا: «وَيَقُولُ
اللهُ عَبْدِي جُعْتُ فَلَمْ تُطْعِمْنِي قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ؟
وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا
جَاعَ فَلَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، عَبْدِي مَرِضْتُ فَلَمْ
تَعُدْنِي فَيَقُولُ: رَبِّ كَيْفَ أَعُودُكَ؟ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فَيَقُولُ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلاَنًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ، أَمَا
عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ» ([1])، وَهَذَا صريحٌ في أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يمْرَضْ ولَمْ
يجُعْ، ولكن مرِضَ عبدُه وجاعَ عبدُه مفَسِّرًا ذَلِكَ بأنَّك لو أطعمته لوجدت
ذَلِكَ عندِي، ولو عُدْتَه لوجَدْتَنِي عنده، فلم يبقَ في الحديثِ لفظٌ يحتاجُ إِلَى
تأويلٍ.
وأَمَّا قوله: «قُلُوبَ الْعِبَادِ كُلَّهَا بَيْنَ
أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ» ([2])؛ فإِنَّهُ لَيْسَ في ظاهِرِهِ أنَّ القلبَ متَّصِلٌ
بالأصابعِ، ولا مماسٌ لها، ولا أنَّها في جَوفِه، ولا في قولِ القائلِ: هَذَا
بَيْنَ يَدي؛ ما يَقْتَضِي مُبَاشرته ليَدَيْهِ، وإِذَا قِيلَ: السَّحابُ
المسَخَّر بَيْنَ السَّماءِ والأرضِ لَمْ يقْتَضِ أَنْ يَكُونَ مماسًا للسَّماءِ
والأرضِ، ونظَائِرُ هَذَا كثيرةٌ.
***
الرَّدُّ
عَلَى مَن يُؤَوِّلُون أسماءَ اللهِ وصفاتِهِ
يقول رحمه الله : وممَّا يشبُه هَذَا القولَ أن يجعلَ اللَّفظ نظيرًا لما لَيْسَ مثله؛ كَمَا قِيلَ في قوله: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسۡجُدَ لِمَا خَلَقۡتُ بِيَدَيَّۖ﴾ [ص: 75] ، فقيل: هُوَ مِثلُ قولِه: {أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا خَلَقۡنَا لَهُم مِّمَّا عَمِلَتۡ أَيۡدِينَآ أَنۡعَٰمٗا﴾ [يس: 71] ، فهَذَا لَيْسَ مثل هَذَا؛ لأَنَّهُ هنا أضافَ الفعلَ إِلَى الأيدِي فصارَ
([1])أخرجه: مسلم رقم (2569).
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد