شبيهًا بقولِه: {فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ﴾ [الشورى: 30] ، وهنا أضافَ الفعلَ إِلَيْهِ
فقَالَ: {لِمَا خَلَقۡتُ﴾ ثُمَّ قالَ: {بِيَدَيَّۖ﴾، وأيضًا
فإِنَّهُ هنا ذَكَرَ نفَسَه المقدَّسةَ بصيغَةِ المفرَدِ، وفي اليدينِ ذَكَرَ لفظَ
التثنية كَمَا في قولِه: {بَلۡ يَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ﴾ [المائدة: 64] ، وهناك أضافَ الأيدي إِلَى صيغَةِ
الجمعِ، فصارَ كقَولِه: {تَجۡرِي بِأَعۡيُنِنَا﴾ [القمر: 14] ، وَهَذَا في الجمعِ نظِيرُ قولِهِ: {بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ﴾ [الملك: 1] ، {بِيَدِكَ ٱلۡخَيۡرُۖ﴾ [آل عمران: 26]
في المفردِ، فاللهُ سبحانه وتعالى ذَكَرَ نفسَهُ تارةً بصيغَةِ المفرَدِ مُظْهرًا
أو مُضْمرًا، وتارةً بصيغَةِ الجمعِ كقوله: {إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا
مُّبِينٗا﴾ [الفتح: 1] ،
وأمثالُ ذَلِكَ، ولا يذكر نفسَه بصيغَةِ التَّثنية قطّ؛ لأنَّ صيغَةَ الجمعِ تقتضي
التَّعظيم الَّذِي يستحقّ، وربَّما تدلُّ عَلَى معاني أسمَائِه، وأَمَّا صيغَةُ
التَّثنيةِ فتدلُّ عَلَى العدَدِ المحصورِ وَهُوَ مقدَّسٌ عَنْ ذَلِكَ.
إِلَى أنْ
ذَكَرَ القاعِدَةَ الرَّابعة: وهي أنَّ كثيرًا مِنَ النَّاسِ يتوهَّمُ في
بَعْضِ الصفاتِ أو كثيرٍ منها أو كلِّها أنَّهُ تماثلُ صفَاتِ المخلوقين، ثُمَّ
يريدُ أن ينفيَ ذَلِكَ الَّذِي فهِمَه فيقعُ في أربعة أنواعٍ مِنَ المحاذِيرِ:
أَحَدُهَا: كونُهُ مثل ما فهِمَه مِنَ النُّصوصِ بصفاتِ المخلوقين،
وظنَّ أنَّ مدلولَ النَّصِّ هُوَ التمثيلُ.
الثاني: أنَّهُ إِذَا جعلَ ذَلِكَ هُوَ مفهومها وعطَّله، بقيت
النُّصوصُ مُعَطَّلَةً عمَّا دلَّتْ عَلَيْهِ من إثباتِ الصِّفاتِ اللاَّئقة
باللهِ، فيَبقَى مع جنَايته عَلَى النُّصوصِ وظنِّه السَّيِّئِ الَّذِي يظنُّه
باللهِ ورسولِهِ حَيْثُ ظنَّ أنَّ الَّذِي يفهم من كِلاهما هُوَ التَّمثيلُ
الباطلُ، قد عطل ما أودعَ اللهُ ورسولُه في كلامِهما من إثباتِ الصِّفاتِ لله
والمعاني الإلهيَّة اللاَّئقة بجَلالِ اللهِ تَعَالَى.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد