فَائِدَةُ
التَّفْكِيرِ وَالتَّدَبُّرِ
يُبَيِّنُ
الشَّيخُ رحمه الله أَنَّ العِلمَ إنَّمَا يَحصُلُ عن طَرِيقِ التَّفكِيرِ
وَالتَّدبُّرِ وَالتَّذَكُّرِ فيقولُ: إن الطَّالبَ للعِلمِ بِالنَّظرِ
وَالاستدِلاَلِ والتفكِيرِ وَالتَّدَبُّرِ لا يحصُلُ له ذَلكَ إِنْ لم يَنْظُر فِي
دَليلٍ يُفيدُهُ العِلْمُ بِالمَدلُولِ عليه، ومَتَى كَانَ العِلْمُ مُستَفادًا بالنَّظَرِ
فلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عِندَ النَّاظِرِ مِنَ العِلمِ الْمَذكُورِ الثَّابِتِ مِن
قَلبِهِ مَا لا يَحتَاجُ حُصولُهُ إلى نَظَرٍ؛ فَيَكُونُ ذَلكَ المعلومُ أَصلاً
وَسببًا للتَّفكِيرِ هُوَ الحقُّ المعلُومُ، وكانَ التَّفكِيرُ فِي مَخلُوقَاتِه
كما قَال تعالى: {ٱلَّذِينَ يَذۡكُرُونَ ٱللَّهَ
قِيَٰمٗا وَقُعُودٗا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمۡ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلۡقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَٱلۡأَرۡضِ﴾ [آل عمران: 191]
، وقَدْ جَاءَ فِي الأَثَرِ: تَفَكَّرُوا في المخلُوقِ ولا تَفَكَّرُوا في
الخَالقِ ([1])؛ لأنَّ التَّفكِيرَ والتَّقدِيرَ يكُونُ فِي الأَمْثَالِ
المضرُوبةِ وَالمَقَايِيسُ، وذَلكَ يَكُونُ فِي الأُمُورِ المُتَشَابِهَةِ وهِي
المخْلُوقَاتُ، وأمَّا الخَالقُ سبحانه وتعالى فَلَيسَ لَهُ شَبيهٌ ولا نَظِيرٌ،
فَالتَّفَكُّرُ الَّذِي مَبنَاهُ على القِيَاسِ يمتَنِعُ فِي حقِّهِ، وإنَّما هو
معلومٌ بالفِطْرةِ فيَذكُرُهُ العَبدُ، وبالذِّكرِ وبِمَا أخْبَرَ بِهِ عن نفسِهِ
يَحصُلُ للعَبدِ مِنَ العِلمِ بِه أُمُورٌ عَظِيمةٌ لا تُنَالُ بمجرَّدِ
التَّفكيرِ والتَّقديرِ، أَعْنِي مِنَ العِلمِ بِهِ نفسِهِ فإنَّه الَّذِي لا
تَفكِيرَ فيهِ، فأمَّا العِلمُ بِمَعَانِي مَا أخبَرَ ونحوُ ذَلِكَ فيدخُلُ فيها
التَّفكِيرُ والتَّقدِيرُ كَمَا جاءَ بِه الكِتَابُ والسُّنَّةُ، إِلى أَنْ قَالَ:
وحُصولُ العِلمِ في القَلبِ كَحُصولِ الطَّعَامِ على الجِسمِ، فالجِسمُ يَحُسُّ بالطَّعَامِ والشَّرابِ، وكذلِكَ القُلُوبُ تُحِسُّ بما يَتَنَزَّلُ إليها مِنَ
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد