×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 تفسيرُ قَوْلِهِ تَعَالى:

{كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ

للشيخ رحمه الله كلامٌ في تفسيرِ قَوْله تَعَالى: {كُلُّ شَيۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُۥۚ [القصص: 88] ، والردُّ عَلَى أهلِ الضَّلالِ الَّذِينَ قالوا: إنَّ معنى الآيةِ أنَّهُ لا وُجودَ للأشيَاءِ من جهة نَفْسِها، وإِنَّمَا وجودُها من جِهَةِ اللهِ فهي موجودة بوجه رَبِّها، أي: بإيجادِهِ لها، ورُبَّما يغلُو بعضُهُم فيقولُ: إنَّ معنى الآيةِ لا موجودَ إلاَّ الله كَمَا هُوَ قولُ ابنِ عربيّ وغيرِه من أهلِ وحدَةِ الوُجودِ.

قالَ: والمقصودُ هنا أنْ يقالَ: أمَّا كَونُ وجودِ الخالقِ هُوَ وجودُ المخلوقِ فهَذَا كفرٌ صريحٌ باتِّفَاقِ أهلِ الإيمانِ، وَهُوَ من أبطلِ الباطلِ في بديهةِ عقْلِ كُلِّ إنسانٍ، وإن كَانَ منتحِلُوه يزْعُمونَ أنَّهُ غاية التَّحقيق والعِرفَانِ، وأَمَّا كونُ المخلوقِ لا وُجودَ لَهُ إلاَّ مِنَ الخالقِ سُبْحَانَهُ فهَذَا حقٌّ، ثُمَّ جميعُ الكائناتِ هُوَ خالقُها ورَبُّها ومليكُها لا يَكُونُ شيءٌ إلاَّ بقدرته ومشِيئَتِه وخَلقِه.

هُوَ خالقُ كُلِّ شيءٍ سبحانه وتعالى ، لَكِنَّ الكلامَ هنا في تفسيرِ الآيةِ بهذا؛ فإِنَّ المعاني تنقَسِمُ إِلَى حقٍّ وباطلٍ، فالباطلُ لا يَجُوزُ أن يفَسَّرَ به كلامُ اللهِ، والحقُّ إن كَانَ هُوَ الَّذِي دلَّ عَلَيْهِ القرآنُ فُسِّرَ به، وإلاَّ فليسَ كُلُّ معنًى صحيحٍ يُفسَّرُ به اللَّفظُ لمجرَّدِ مناسبةٍ؛ إذ دلالَةُ اللَّفظِ عَلَى المعنى سَمعِيَّة، فلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ اللَّفظَ مُستَعمَلاً في ذَلِكَ المعنى بحيثُ قد دلَّ عَلَى المعنى به، ولا يُكتفى في ذَلِكَ بمجرَّدِ أن يَصلُحَ وضعُ اللَّفظِ لذلك المعنى؛ إذِ الألفاظ الَّتِي يصلحُ وضعُها للمعاني ولَمْ توضَعْ لها


الشرح