حتَّى لَتَجِدَ كَثِيرًا مِنَ العَامَّةِ أعلَمَ
بذلِكَ مِنهُم، وتَجِدُهُم لا يُمَيِّزُونَ بَينَ مَا قَالَه الرَّسولُ ومَا لم
يَقُلْهُ، بل قَد لا يُفَرِّقُونَ بَينَ حَدِيثٍ مُتَوَاتِرٍ عنه وحَديثٍ مَكذُوبٍ
مَوضُوعٍ عَلَيه، وإنما يَعْتَمِدُون فِي مُوافَقَتِه على مَا يُوَافِقُ قَولَهُم
سَواءٌ كانَ مَوضُوعًا أو غَيرَ مَوضُوعٍ، فَيَعْدلُون إلى أَحَادِيثَ يَعْلَمُ
خَاصُّةُ الرسولِ بالضرُورَةِ اليَقِينِيَّةِ أنها مَكْذُوبَةٌ عَلَيه، مِن أحَادِيثَ
يَعْلَمُ خَاصَّتُه بِالضُّرُورَةِ اليَقِينِيَّةِ أنَّها قَولُه.
وهُم لاَ
يَعْلَمُونَ مُرَادَه، بل غَالِبُ هَؤُلاءِ لا يَعْلَمُونَ مَعَانِي القُرْآنِ
فَضْلاً عَنِ الحَدِيثِ، بلْ كَثِيرٌ مِنهم لا يَحْفَظُونَ الْقُرْآنَ أَصْلاً،
فَمَنْ لا يَحفظُ القُرآنَ ولا يَعْرِفُ مَعَانِيه، ولا يَعْرِفُ الحَدِيثَ ولا
مَعَانِيه؛ مِن أَينَ يَكُونُ عَارفًا بالحقَائِقِ المأخُوذَةِ عَنِ الرسُولِ؟
***
مَنهَجُ
أَهْلِ الحَدِيثِ ومَنْهَجُ مُخَالِفِيهِم
يُبَيِّنُ
الشيخ رحمه الله مَنهجَ أهلِ الحَدِيثِ ومَنْهَجَ مُخَالِفِيهم مِنَ
المُبْتَدِعَةِ والزَّنَادِقةِ، فَيَقُولُ: فأَعْلَمُ الناسِ بالسَّابِقينَ
وأتبعُهُم لَهُم هُم أَهْلُ الحَدِيثِ وأَهْلُ السنَّةِ، ولِهَذا قَال الإمامُ
أَحْمَدُ فِي رِسَالةِ عَبدوسَ بنِ مالكٍ: أصولُ السنَّةِ عِندَنَا التَّمَسُّكُ
بِما كانَ عليهِ أصحَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم والاقْتِداءُ بِهم
وتَركُ الِبَدعِ، وكلُّ بِدعَةٍ ضَلاَلةٌ، والسنَّةُ عِندَنَا آثارُ رَسُولِ اللهِ
صلى الله عليه وسلم والسنَّةُ تُفَسِّرُ القُرآنَ، وهِيَ دَلائِلُ القُرآنِ؛ أي:
دَلاَلاتٌ عَلَى مَعناهُ.
ولِهَذا ذَكَر العُلماءُ أن الرفَضَ أسَاسُ الزنْدَقَةِ، وأنَّ أوَّلَ مَن ابتدعَ الرَّفَضَ كانَ مُنَافقًا زِنديقًا وهو عبدُ اللهِ بنُ سَبَأٍ؛ فإنه إذَا قَدَحَ فِي السَّابقينَ الأوَّلِينَ؛ فَقد قَدَحَ في نَقلِ الرسَالةِ أو فِي فَهْمِهَا أو فِي
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد