×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 اتِّبَاعِهَا، فالرَّافِضَةُ تَقْدَحُ تارةً في عَمَلِهم بها وتَارَةً فِي اتِّبَاعِهم لها، وتُحِيلُ ذلكَ عَلَى أَهلِ البَيتِ وعَلَى المَعْصُومِ الَّذِي لَيْسَ له وُجودٌ فِي الوُجُودِ، والزَّنَادِقَةِ مِن الفَلاسِفَةِ والنُّصَيريَّةِ وغَيرُهُم يَقدحُون تَارةً في النَّقلِ وهُو قولُ جُهَّالِهِم، وتارةً يَقْدَحُون فِي فَهْمِ الرِّسَالةِ وهو قُولُ حُذَّاقِهم؛ كَما يَذْهَبُ إليه أكَابِرُ الفَلاسِفَةِ والاتِّحَادِيةِ ونحوِهم، حتَّى كانَ التلمِسانِيُّ مرَّةً مريضًا فدَخَل عَليهِ شَخصٌ ومعَهُ بعضُ طلبَةِ الحَدِيثِ، فَأَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلى قَاعِدَتِه فِي الفِكرِ أنه حِجَابٌ وأنَّ الأمْرَ مدارُه عَلَى الكَشْفِ، وغرضُه كشفُ الوُجودِ المُطْلَقِ، فقالَ ذَلك الطَّالِبُ: فَما مَعنى قَولِ أُمِّ الدَّرْدَاءِ: أفضلُ عَمَلِ أبِي الدَّردَاءِ التفكُّرُ، فَتَبرَّمَ بدخولِ مثلِ هَذا عَليهِ وقَال للذي جَاءَ بِه: كَيفَ يَدخلُ عَلَي مثلُ هذا؟ ثم قالَ: أَتَدْرِي يا بُنيَّ ما مَثلُ أَبي الدَّردَاءِ وأمثَالِه؟ مَثَلُهُم مَثَلُ أقوامٍ سَمِعُوا كَلامًا حَفِظُوه لنا حتَّى نَكُونَ نَحْنُ الذينَ نَفْهَمُه ونَعْرِفُ مُرادَ صَاحِبِه، ومِثلُ بَريدٍ حَمَل كِتابًا مِنَ السلطَانِ إلى نَائِبِه، وكذلكَ ابنُ سِينَا وغيرُه يَذكُر مِن التنقُّصِ بالصَّحَابَةِ مَا وَرِثَهُ عن أبيهِ وشيعَتِهِ القَرَامِطَةِ، حتَّى تَجِدَهُم إِذَا ذَكَروا فِي آخرِ الفلسَفَةِ حاجةُ النوع ِالإنْسَانِيِّ إِلى الإِمَامةِ عَرَّضُوا بِقولِ الرَّافِضَةِ الضُّلالِ، لكنَّ أُولئكَ يُصَرِّحونَ مِن السبِّ بِأكثرَ مِمَّا يُصَرِّحُ به هَؤلاءِ.

ولِهَذا تَجِدُ بَينَ الرَّافِضَةِ والقَرَامِطَةِ والاتِّحَاديَّةِ اقْتِرانًا وَاشْتِباهًا يَجْمَعُهم أمورٌ:

مِنها: الطعنُ فِي خِيَارِ هَذِه الأمَّةِ، وفَيما عَليهِ أَهْلُ السُّنَّةِ والجَمَاعَةِ وفَيما اسْتَقَرَّ مِن أُصولِ المِلَّةِ وقَوَاعِد الدينِ، ويَدَعُونَ بَاطِنًا امْتَازُوا به واخْتَصُّوا بِه عَمَّن سِوَاهُم، ثُم هُم معَ ذَلكَ متَلاعِنُونَ مُتَبَاغِضُونَ مُخْتَلِفُون، كَمَا رَأيتَ وَسَمِعْتَ مِن ذَلك مَا لا يُحْصَى، كَمَا قَالَ اللهُ عنِ


الشرح