×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 كَمَا قَال تَعَالى: {وَمَن يَعۡشُ عَن ذِكۡرِ ٱلرَّحۡمَٰنِ نُقَيِّضۡ لَهُۥ شَيۡطَٰنٗا فَهُوَ لَهُۥ قَرِينٞ ٣٦ وَإِنَّهُمۡ لَيَصُدُّونَهُمۡ عَنِ ٱلسَّبِيلِ وَيَحۡسَبُونَ أَنَّهُم مُّهۡتَدُونَ ٣٧ [الزخرف: 36- 37] .

***

شَطَحاتُ عُلماءِ الكَلاَمِ

يُوَاصِلُ الشَّيخُ رحمه الله انتِقَادَه لعُلمَاءِ الكَلامِ ويُبَيِّنُ ما لَدَيهِم مِن شَطحَاتٍ، ومِنْ هَؤُلاِء وَاحدٍ مِن كِبَارِ شَخْصِيَّاتِهِم له شُهْرَتُه وهُو أبُو حَامدٍ الغَزَالِيُّ، يَقُولُ فيه الشَّيخُ وتَجِدُ أبا حامدٍ الغَزَالِيَّ مَعَ أنَّ له مِنَ العِلْمِ بالفِقْهِ والتَّصَوُّفِ والكَلامِ والأُصُولِ وغَيرِ ذلكَ مِنَ الزُّهدِ والعِبَادَةِ وحُسنِ القَصْدِ وتَبَحُّرِهِ فِي العُلُومِ الإسلاَمِيَّةِ أكثرَ مِن أُولِئكَ - يَعْنِي الرَّازِي وأَشْبَاهِهِ - يَذْكُرُ في كِتَابِ «الأربعين»، ونحوُهُ كِتَابُهُ «المَضْنُونُ به عَلَى غَيْرِ أَهْلِهِ»، فإذا طَلَبتَ هَذَا الكِتَابَ واعْتَقَدْتَ فيه أَسرارَ الحَقائقِ وَآيَةَ المَطَالِبِ وجدتْهُ قولَ الصَّابئةِ المُتَفَلْسِفَةِ بِعَينِه قد غُيِّرتْ عِبَارَاتُهم وتَرْتِيبَاتُهُم، ومَن لَم يَعْلَمْ حَقَائقَ مَقالاتِ العِبادِ ومَقَالاتِ أهلِ المِلَلِ يَعْتَقِدُ أَنَّ ذلك هو السرُّ الذي كَانَ بينَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَبِي بكرٍ، وأنَّهُ هو الَّذي يَطَّلِعُ عليه المُكَاشَفُونَ الذينَ أَدْرَكُوا الحَقَائِقَ بِنورٍ إِلَهِيٍّ، فإنَّ أبا حامدٍ كثيرًا ما يُحِيلُ فِي كُتُبِه على ذَلِكَ النُّورِ الإلهِيِّ، وعلى ما يَعْتَقِدُ أنه يُوجَدُ للصُّوفِيَّةِ والعِبُّادِ بِرَياضَاتِهِم ودِيَانِتِهم مِن إِدْرَاكِ الحَقَائِقِ وَكَشْفِهَا لهُم حتَّى يَزِنُوا بِذَلكَ ما وَرَدَ به الشَّرعُ.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أنَّهُ كان قَدْ عَلِم بِذَكَائِه وَصِدقِ طَلَبِه مَا فِي طَريقِ المُتَكَّلمِين والمُتَفَلسِفَةِ من الاضْطرابِ وآتَاهُ اللهُ إيمَانًا مُجملاً - كَمَا أَخْبَرَ بِه عنْ نَفْسِه - وَصَارَ يَتَشَوَّفُ إِلَى تَفْصِيلِ الجُمْلَةِ، فَيَجِدُ فِي كَلاَمِ المَشَايِخِ وَالصُّوفِيَّةِ ما هُو أَقْربُ إِلى الحَقِّ وأَوْلَى بِالتَّحقِيقِ، مِن


الشرح