×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 خالقهم وخالق أفعالهم، والعبد هو المؤمن والكافر والبر والفاجر والمصلي والصائم، وللعباد قدرة على أفعالهم ولهم إرادة، والله خالقهم وخالق قدرتهم وإرادتهم، كما قال تعالى: {وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [التكوير: 29] .

ثم بَيَّن رحمه الله مواقف المُبتدِعة من هذه المرتبة، فقال: وهذه الدرجة من القَدَر يُكَذِّب بها عامة القَدَرِيَّة الذين سماهم النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مَجُوس هذه الأمة ([1])، ويغلو فيها قوم من أهل الإثبات حتَّى سلبوا العبد قدرته واختياره، ويُخرِجون عن أفعال الله حكمها ومصالحها.

***

مذهب أهل السنة والجماعة في الإِيمَان

يواصل شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ رحمه الله كلامه في بيان عقيدة أهل السُّنة والجماعة فيقول: ومن أصول أهل السُّنة أن الدِّين والإِيمَان قول وعمل: قول القلب واللسان، وعمل القلب واللسان والجوارح، وأن الإِيمَان يزيد بالطاعة ويَنْقُص بالمعصية.

ثم يبين رحمه الله حُكم مرتكب الكبيرة من أهل الإِيمَان فقال: وهم مع ذلك لا يُكفرون أهل القِبلة بمطلق المعاصي والكبائر كما يفعله الخوارج، بل الأُخُوة الإِيمَانية ثابتة مع المعاصي، كما قال سبحانه وتعالى في آية القصاص: {فَمَنۡ عُفِيَ لَهُۥ مِنۡ أَخِيهِ شَيۡءٞ فَٱتِّبَاعُۢ بِٱلۡمَعۡرُوفِ وَأَدَآءٌ إِلَيۡهِ بِإِحۡسَٰنٖۗ [البقرة: 178] ، وقال: {وَإِن طَآئِفَتَانِ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ ٱقۡتَتَلُواْ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَاۖ فَإِنۢ بَغَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا عَلَى ٱلۡأُخۡرَىٰ فَقَٰتِلُواْ ٱلَّتِي تَبۡغِي حَتَّىٰ تَفِيٓءَ إِلَىٰٓ أَمۡرِ ٱللَّهِۚ فَإِن فَآءَتۡ فَأَصۡلِحُواْ بَيۡنَهُمَا بِٱلۡعَدۡلِ وَأَقۡسِطُوٓاْۖ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٩


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4691)،وابن ماجه رقم (89)،والحاكم رقم (286).