الرد
على الذين يُقَلِّلُون من شأن أدلة الكتاب والسُّنة
رَدَّ الشيخ على جماعة
المُتكلِّمين الذين يُهَوِّنُون من أدلة القرآن ويزعمون أنها أدلة خبرية يتوقف
العلم بها على صِدْق المُخْبِر، وليست أدلة عقلية يقينية بزعمهم! يقول رحمه الله
في هذا الموضوع: لأنه سبحانه لم يُدِلْ عباده بالقرآن بمجرد الخبر كما يظنه طوائف
من أهل الكلام؛ يظنون أن دلالة القرآن إنما هو بطريق الخبر، والخبر موقوف على
العلم بصِدْقِ المُخْبِر الذي هو الرسول، والعلم بصدقه موقوف على إثبات الصانع،
والعلم بما يجوز ويمتنع عليه، والعلم بجواز بَعْثَة الرسل، والعلم بالآيات الدالة
على صدقهم، ويُسَمُّون هذه الأصولَ العَقْلِيَّاتِ؛ لأن السَّمْع عندهم موقوف
عليها، وهذا غلط عظيم، وهو من أعظم ضلال طوائف من أهل الكلام والبدع؛ فإن الله
سبحانه بَيَّن في كتابه ما يُحتاج إليه في أصول الدين، قرر فيه التوحيد والنبوة
والمَعاد بالبراهين التي لا تنتهي إلى تحقيقها نَظَرٌ، إلى أن قال: وأما الآيات
المشهودة؛ فإن ما يُشهَد وما يُعلَم بالتواتُر من عقوبات مُكذِّبي الرسل ومن
عصاهم، ومِن نَصْر الرسل وأتباعهم على الوجه الذي وقع، والله أعلم من إكرام الله
تعالى لأهل طاعته وجَعْلِ العاقبة لهم وانتقامه من أهل معصيته وجَعْلِ الدائرة
عليهم فيه عِبرة تبين أمره ونهيه ووعده ووعيده وغير ذلك مما يوافق القرآن، ولهذا
قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَخۡرَجَ ٱلَّذِينَ
كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ مِن دِيَٰرِهِمۡ لِأَوَّلِ ٱلۡحَشۡرِۚ مَا
ظَنَنتُمۡ أَن يَخۡرُجُواْۖ﴾ [الحشر: 2] ؛ فهذا بَيِّنُ الاعتبار في أصول
الدين، وإن كان قد تناول الاعتبار في فروعه، وكذلك قوله تعالى: {قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ
الشرح