وكانَ يَقْبَلُ نُصْحَهُم، وكانَ أَبُو طَالِبٍ
يَنْصُرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ويَذَبُّ عَنْهُ مَعَ شِرْكِهِ؛ فَأَخذَ
عِلمَ الطِّبِّ مِن كُتُبِهِم مثلَ الاستدلالِ بالكَافِرِ واسْتِطْبَابِهِ، وإن
ذَكَرُوا ما يَتَعَلَّقُ بِالدينِ فإن نَقَلُوه عَنِ الأنبِيَاءِ كانُوا فيهِ
كأهْلِ الكِتَابِ وأَسْوأَ حَالاً، وإنْ أَحَالُوه علَى القِيَاسِ العَقْلِيِّ
فَإنْ وَافَقَ مَا فِي القُرآنِ فَهُو حَقٌّ وإِنْ خَالَفَهُ فَفِي القُرآنِ
بَيَانُ بُطْلاَنِهِ، وإِنْ كَانَ مَا يَذْكُرُونَه مُجْمَلاً فِيهِ الحَقُّ؛
قَبلَ الْحَقِّ وردِّ البَاطِلِ.
***
أَحْكَامُ
التَّرْجَمَةِ
يتكلَّمُ
الشيخُ عَنِ الترجَمَةِ وهِيَ نَقْلُ مَعْنَى الكَلاَمِ مِن لُغَةٍ إِلَى لُغَةٍ
أُخرَى فَيَقُولُ والترجَمَةُ والتفسيرُ ثَلاثَ طَبَقَاتٍ:
أحدُها: تَرجَمَةُ مُجَرَّدِ اللفظِ، مثلُ نَقْلِ اللَّفْظِ
بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ، فَفِي هذِه الترجَمَةِ تُريدُ أن تَعْرِفَ أنَّ الَّذِي
يَعِني بهذَا اللفظِ عِندَ هَؤُلاءِ هُو بِعَينِه الَّذِي يَعْنِي باللفظِ عندَ
هَؤُلاءِ؛ فَهَذَا عِلمٌ نَافِعٌ؛ إِذْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُقيِّدُ المَعنَى
باللفظِ فلا يُجَرِّدُهُ عنِ اللَّفظَينِ جَمِيعًا.
والثاني: تَرْجَمَةُ المَعنَى وبيانُه بأن يُصَوِّرَ المَعنَى
للمُخَاطَبِ؛ فتَصْوِيرُ المَعْنَى له وتَفْهِيمُه إِيَّاه قَدرٌ زائِدٌ على
تَرجَمَةِ اللَّفظِ كَمَا يَشْرَحُ للعَرَبِيِّ كِتَابًا عَرَبِيًّا قد سَمِعَ
ألفاظَهُ العرَبِيَّةَ لكنَّه لم يَتَصَّورْ مَعَانِيهِ ولا فَهِمَها، وتَصْويرُ
المَعْنَى يَكُونُ بِذِكْرِ عَيْنِهِ أو نَظِيرِهِ؛ إذْ هُو تَرْكِيبُ صِفَاتٍ مِن
مُفرداتٍ يَفْهَمُهَا المُخَاطَبُ يَكُونُ ذلكَ المُرَكَّبُ صوَّرَ ذَلِكَ
المَعْنَى إمَّا تَحْدِيدًا وإمَّا تَقْرِيبًا.
الدَّرَجةُ الثالِثةُ: بَيَانُ صِحِّةِ ذلكَ وتَحقِيقُه بِذِكْرِ الدَّليلِ والقِيَاسِ الذي يُحَقِّقُ ذَلِكَ المَعْنَى.
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد