كذَلِكَ فالالتِفَاتُ
إِلَى الأسبَابِ شِركٌ فِي التَّوحِيدِ، ومَحوُ الأسبَابِ أن تَكُونَ أسبابًا نقصٌ
فِي العقْلِ، والإعراضُ عَنِ الأسبابِ بالكُلِّيَّةِ قدْحٌ فِي الشَّرعِ، بل
العبدُ يجِبُ أن يَكُونَ توكُّلُه ودُعَاؤُه وسُؤَالُهُ ورَغْبَتُه إلى اللهِ
سبحانه وتعالى واللهُ يقدِّرُ له مِنَ الأسبَابِ من دُعاءِ الخَلْقِ وغَيرهم.
***
موضُوعُ
الدُّعاءِ
ما زِلنَا نقْتَبِسُ من رسالَتِه القَيِّمَة: «الواسِطَةُ بين الحَقِّ والخلْقِ»، وقَدْ انتَهَيْنا فِيهَا إِلَى موضُوعِ الدُّعاءِ حَيْثُ قَالَ رحمه الله : والدُّعاءُ مشرُوعٌ أن يَدْعوَ الأعَلَى للأَدْنَى، والأدْنى للأَعْلَى، ومُرَادُه ما دَامَ الدَّاعِي عَلَى قَيدِ الحياةِ، أمَّا بعدَ الموتِ فإِنَّه لا يُطْلَبُ مِنَ المَيِّتِ دُعاءٌ ولا غيرُهُ، ولهَذَا قَالَ: فطَلبُ الشَّفاعَةِ والدُّعاءِ مِنَ الأنبياءِ كَمَا كَانَ المُسْلِمُونَ يستَشْفِعُون بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الاستِسْقَاءِ ويطْلُبون منه الدُّعاءَ، بل وكذَلِكَ العبَّاسُ بعدَهُ، اسْتسْقَى عُمَرُ والمُسلِمُونَ بالعبَّاسِ عَمِّه، والنَّاس يَطْلُبونَ الشَّفاعةَ يومَ القِيَامَةِ مِنَ الأنبِيَاءِ، ومُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم سيِّدِ الشُّفعاءِ، وله شفَاعاتٌ يخْتَصُّ بها، ومَعَ هَذَا فقَدْ ثبَتَ فِي «الصحيحين»عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا لِيَ الْوَسِيلَةَ، فَإِنَّهَا مَرْتَبَةٌ فِي الْجَنَّةِ لاَ تَنْبَغِي إلاَّ لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ عَلَيْهِ الشَّفَاعَةُ» ([1])، وقَدْ قَالَ لعُمَرَ لمَّا أرادَ أن يعْتَمِرَ وودَّعَه: يا أَخِي! لا تَنْسَنِي من دُعائِكَ ([2])فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ طلَبَ من أُمَّتِه
([1])أخرجه: مسلم رقم (384).
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد