أن يَدْعُوا
له، ولكن لَيْسَ ذَلِكَ من بَابِ سُؤالِهم بل أمرُهُ بذَلِكَ لهُم كَأَمْرِه
بسَائِرِ الطَّاعَاتِ الَّتِي يُثَابُونَ عَلَيْها مع أَنَّه صلى الله عليه وسلم
له مثل أجُورِهم فِي كُلِّ ما يعمَلُون فإِنَّه قَدْ صَحَّ عنه أَنَّه قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنَ
الأَْجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنْ يَتَّبِعُهُ لاَ يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ
شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلاَلَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنَ الإِْثْمِ مِثْلُ
آثَامِ مَنْ يَتَّبِعُهُ لاَيَنْقُص ُذلِكَ مِنْ آثَامِهِم شَيْئًا» ([1]).
وهُوَ دَاعِي
الأُمَّةِ إلى كُلِّ هُدًى فلَهُ أُجُورُهم فِي كُلِّ ما اتَّبَعُوه فِيهِ،
وكذَلِكَ إِذَا صَلُّوا عَلَيْه فإِنَّ اللهَ يُصَلِّي عَلَى أحَدِهِم عَشْرًا،
وله مثلُ أجُورِهم معَ ما يستَجِيبُه من دُعَائهم له؛ فذَلِكَ الدُّعاءُ قَدْ
أعطَاهُم اللهُ أجْرَهم عَلَيْه وصَارَ ما حَصَلَ له مِنَ النَّفْعِ نعمَةً مِنَ
اللهِ عَلَيْه، وقَدْ ثبتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّه قَالَ: «ما مِن رجل يَدعُو لأَخِيهِ بِظَهرِ الغَيبِ بِدَعْوَةٍ إلاَّ وَكَّلَ
اللهُ بِهِ مَلَكًا كُلَّمَا دَعَا دَعْوَةً قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ مِثْلَهُ»
([2])، وفي حَدِيثٍ آخرَ: «أَسْرَعَ الدُّعَاءِ دَعْوَةُ غَائِبٍ لِغَائِبٍ» ([3]).
فالدُّعاءُ للغَيرِ ينتَفِعُ به الدَّاعي والمَدْعو له وإن كَانَ الدَّاعي دُون المَدعو له، فدُعاءُ المُؤمِنِ لأَخِيهِ المُؤمنِ ينتَفِعُ به الدَّاعي والمَدعو له فمَنْ قَالَ لغَيرِه: ادْعُ لي وقَصْدُه انتِفَاعُهُمَا جَمِيعًا بذلك؛ كَانَ هُو وأَخُوهُ مُتَعاوِنين عَلَى البِرِّ والتَّقْوى، فَهُوَ نَبَّهَ المَسئولَ وأشارَ عَلَيْه بمَا ينفَعُهُمَا بمنزِلَةِ مَن يَأْمُرُ غيرَهُ ببِرٍّ وتَقْوَى، فيُثَابُ المأمورُ عَلَى فِعْلِه والآمرُ أيضًا يُثَابُ مثل ثَوابِهِ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2674).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد