الانحراف
عن الوَسَط
ذكر شيخ
الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ رحمه الله قاعدة عظيمة في بيان الانحراف عن الوَسَط فقال:
الانحراف عن الوَسَط كثيرٌ في أكثر الأمور في أغلب الناس، مثل: تقابلهم في بعض
الأفعال؛ يتخذها بعضهم دينًا واجبًا أو مستحبًا أو مأمورًا به في الجملة، وبعضهم
يعتقدها حرامًا مكروهًا أو محرمًا أو منهيًّا عنه في الجملة، مثل ذلك: سماع
الغناء؛ فإن طائفة من المتصوِّفة والمتفقِّرة تتخذه دينًا وإن لم تَقُل بألسنتها
أو تعتقد بقلوبها أنه قُربة؛ فإن دينهم حالٌ لا اعتقاد، فحالُهم وعملُهم هو
استحسانُها في قلوبهم ومحبتهم لها دِيانة وتقربًا إلى الله، وإن كان بعضهم قد
يعتقد ذلك ويقوله بلسانه، وفيهم من يعتقد ويقول: ليس قُربة! لكن حالهم هو كونه
قُربة ونافعًا في الدين ومُصْلِحًا للقلوب، ويغلو فيه من يغلو حتَّى يجعل التاركين
له كلَّهم خارجين عن ولاية الله وثمراتها من المنازل العَلِيَّة، وبإزائهم من ينكر
جميع أنواع الغناء ويحرمه، ولا يفصل بين غناء الصغير والنساء في الأفراح وغناء
غيرهن وغنائهن في غير الأفراح، ويغلو من يغلو من فاعليه حتَّى يجعلهم كلَّهم
فُسَّاقًا أو كُفَّارًا.
وهذان الطرفان من اتخاذ ما ليس بمشروع دينًا أو تحريم ما لم يُحرَّم دينُ الجاهلية والنصارى الذي عابه الله عليهم، كما قال تعالى: {وَقَالَ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَا عَبَدۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖ نَّحۡنُ وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن دُونِهِۦ مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ فَعَلَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡۚ فَهَلۡ عَلَى ٱلرُّسُلِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ﴾ [النحل: 35] ، وقال تعالى فيما رواه مسلم في «صحيحه» ([1])
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد