×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

فمِنَ المَعْلُومِ أَنَّ المُؤمِنَ بِاللهِ وَرَسُولِه لاَ يَسْتَجِيزُ أَنْ يَقُولَ فِي الرِّسَالَةِ إِنَّهَا عَاجِزةٌ عَن تَحقيقِ العِلْمِ وبَيَانِه حَتَّى يَكُونَ الإقْرَارُ بِهَا معَ تَحقِيقِ العِلمِ الإلَهِيِّ مِن غَيرِهَا مُوجِبًا لِصَلاح ِالدَّينِ، ولا يَسْتَجِيزُ أَنْ يُسَلِّطَ عَليها التأْوِيلاتِ العَقلِيَّةِ ويَدَّعِي أَنَّ ذلكَ مِن كَمَالِ الدِّينِ وأنَّ الدِّينَ لاَ يَكُونُ كَامِلاً إلاَّ بِذلكَ، وأَحْسَنُ أحوالِه أَنْ يَدَّعِيَ أنَّ الرَّسُولَ كانَ عَالِمًا بأنَّ ما أَخْبَرَ بِه له تَأوِيلاتٌ وتِبيانُ غَيرِ مَا يَدُلُّ عَليهِ ظاهِرُ قولِهِ ومَفهومِه، وأنَّ ما تَرَكَ ذَلك إلاَّ لأنَّه ما كَانَ يُمْكِنُه البَيَانُ بَينَ أولِئكَ الأَعْرَابِ ونَحْوِهِم، وأنَّه وكُلُّ ذَلِكَ إِلى عُقُولِ الْمُتَأَخِّرينَ، وهَذا هُو الوَاقِعُ مِنهم فَإنَّ المُتَفَلْسِفَةِ تَقُولُ: إن الرُّسُلَ لم يَتَمَكَّنُوا مِن بَيَانِ الحَقَائِقِ! لأنَّ إِظْهَارَهَا يُفْسِدُ النَّاسَ ولا تَحْتَمِلُ عُقُولُهم ذَلِكَ، ثُمَّ قَد يَقُولُون: إنَّهم - أي الرسلُ - عَرَفُوهَا، وقَدْ يَقُولُ بَعْضُهم: لم يَعْرِفُوها!

***

الرَّدُّ عَلَى الفَلاسِفَةِ وَعُلَمَاءِ الْكَلاَمِ

يُواصِلُ الشيخُ رحمه الله تَعَالى الردَّ على المُتَفَلْسِفَةِ وعلماءِ الكَلامِ الذينَ يَتَنَقَّصُون عِلمَ السلفِ، ويَظُنُّونَ أنَّهم أَعْلَمُ مِن السَّلَفِ فَيَقُولُ رحمه الله : ولا رَيْبَ أَنَّ أهلَ الحَدِيثِ أَعْلَمُ الأُمَّةَ وأخَصُّها بِعِلْمِ الرَّسُولِ، وعلمِ خَاصَّتِهِ مثلِ الخُلَفَاءِ الرَّاشِدينَ وسَائِرِ العَشَرَةِ، ومثلِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ وعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ ومُعَاذِ بنِ جَبل وعَبدِ اللهِ بنِ سَلاَمٍ وسَلْمَانَ الفارسيِّ وأبِي الدَّردَاءِ وعُبادةَ بْنِ الصَّامِتِ وأَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ وعَمَّارِ بنِ ياسرٍ وحُذيفةَ بنِ اليَمَانِ، ومثلِ سعدِ بنِ مُعَاذٍ وأُسَيدِ بنِ حُضَيرٍ وسعدِ بنِ عُبَادةَ وعَبَّادِ بنِ بشرٍ وسالمٍ مَولَى أَبي حُذيفةَ، وغيرِ هَؤلاءِ ممن كانَ


الشرح