×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

بيانُ الضَّابطِ الَّذِي به يعرفُ ما يَجُوز وما لا يَجُوزُ

 في بابِ الأسمَاءِ والصِّفاتِ

بيانُ الضابطِ الَّذِي به يعرفُ ما يَجُوزُ وما لا يَجُوز في باب الأسماء والصِّفاتِ.

ذَكَرَ الشَّيخُ رحمه الله قاعدةً جليلَةً في بيانِ الضَّابطِ الَّذِي عُرِفَ به ما يَجُوزُ عَلَى اللهِ وما يَجُوزُ في بابِ الأسماءِ والصِّفاتِ؛ لأنَّ الاعتِمَادَ في النَّفيِ عَلَى مجرَّدِ نفي التَّشبيهِ، وفي الإثباتِ عَلَى مجرَّدِ الإثباتِ من غير تَشبيهٍ، لَيْسَ بسدِيدٍ؛ لأَنَّهُ ما من شَيئين إلاَّ بينهما قدرٌ مشتركٌ وقدرٌ مميَّزٌ، فليسَ المرادُ نفي مطلق التَّشبيهِ، وإِنَّمَا المرادُ نفيُ التَّشبيهِ من كُلِّ وجْهٍ.

يريدُ الشَّيخُ رحمه الله ما سبقَ بيانُهُ من أنَّ اشتِرَاكَ صِفَاتِ الخالقِ، وصفاتِ المخلوقِينَ في اللَّفظِ والمعنى العامِّ لا يقتضِي تشَابههما في الحقيقةِ والكَيفِيَّةِ.

ثُمَّ ذَكَرَ رحمه الله غلطَ الفِرَقِ الضَّالَّةِ في هَذَا البابِ، وأن ذَلِكَ بسببِ ما اعتمَدُوهُ من قواعدٍ وصَفُوهَا من عِنْدِ أنفُسِهم، وحَكَمُوا عَلَى من خَالَفَها بأَنَّهُ مشبِّهٌ ضَالٌّ، فالمعتزلَةُ جعلوا أخَصَّ وصفِ الإله القِدَمَ، فمن أثبتَ للهِ صفةً قَدِيمةً فهو مُشبِّهٌ، فمن قالَ: إنَّ للهَ علمًا قديمًا، أو قُدرَة قَدِيمةً كَانَ عندَهُم مُشبِّهًا ممثِّلاً؛ لأنَّ من أثبتَ للهِ صفَةً قَدِيمةً فقَدْ أثبتَ لَهُ مثلاً قديمًا، ومُثبتَةُ الصِّفاتِ لا يُوافِقُونَهم عَلَى هَذَا، بل يَقُولون: أخَصُّ وَصْفِه ما لا يتَّصِفُ به غيرُهُ، مثل: كَونِه رَبّ العالمين، وأنَّهُ بكُلِّ شيءٍ عَليمٌ، وأنَّهُ عَلَى كُلّ شَيءٍ قديرٌ، وأنَّهُ إلهٌ واحدٌ ونحو ذَلِكَ، والصِّفةُ لا توصَفُ بشيءٍ من ذَلِكَ، ومن القواعدِ الَّتِي مشَى عَلَيْهَا


الشرح