×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

 المعتزلَةُ في نفيهِم للصِّفاتِ ما ذكَرَهُ الشَّيخُ رحمه الله عنهم أنَّهُم يقولُون: إنَّ الصِّفاتِ لا تقومُ إلاَّ بجِسْمٍ متحيِّزٍ، والأجسامُ متماثلة؛ فلو قَامَتْ به الصِّفاتُ للزِمَ أَنْ يَكُونَ مماثِلاً لسَائِرِ الأجْسَامِ وَهَذَا هُوَ التَّشْبِيهُ.

ثُمَّ بَيَّنَ أنَّ المُثْبتينَ للصِّفاتِ يُجِيبُون عَنْ هَذَا تارَةً بمَنعِ المُقدِّمةِ الأُولَى - يعني: أنَّ إثباتَ الصِّفاتِ يقتضي التَّجسيم - فيقولون: «إِثْباتُ الصِّفاتِ لا يقْتَضِي التَّجْسِيم»، وتارَةً يُجِيبُونَ بمنْعِ المُقدِّمةِ الثَّانية «يعني: أنَّهُ إثباتٌ وإنِ اقتضى التَّجْسِيمَ فالأجسامُ غير متمَاثِلة»، وتارَةً يُجِيبُون بمَنعِ كُلٍّ مِنَ المُقَدِّمتين «يعني: فلَيسَ إثْبَاتُ الصِّفاتِ يقتضي التَّجْسِيم، وليست الأجسامُ متماثلة».

قالَ الشَّيخُ: والمقصودُ هنا أنَّهم يُطلِقُونَ التَّشْبيهَ عَلَى ما يعتَقِدُونَه تَجْسِيمًا بناءً عَلَى تماثلِ الأجسامِ، والمُثْبِتُون يُنَازِعُونهم في اعتِقَادِهم.

ثُمَّ بَيَّنَ الشَّيخُ رحمه الله الضَّابِطَ الصَّحِيحَ في نفي ما يُنفَى عَنِ اللهِ تَعَالَى، فقَالَ: وإِنَّمَا المقصودُ هنا أنَّ مُجرَّدَ الاعتمادِ في نَفْيِ ما يُنْفَى عَلَى مُجرَّدِ نَفي التَّشْبِيهِ لا يُفيدُ؛ إِذَا ما من شَيئين إلاَّ يَشتَبِهَان من وَجْهٍ ويفتَرِقَانِ من وجْهٍ بخِلاَفِ الاعتِمَادِ عَلَى نَفْيِ النَّقصِ والعَيبِ ونحو ذَلِكَ مِمَّا هُوَ سُبْحَانَهُ مقدَّسٌ عنه؛ فإن هَذِهِ طريقةٌ صحيحةٌ، وكَذَلِكَ إِذَا أثبتَ لَهُ صفات الكمَال ونفى مماثلة غيره لَهُ فيها، فإنَّ هَذَا نفي المماثلة فِيمَا هُوَ مستحقُّ لَهُ، وَهَذَا حقيقةُ التَّوحيدِ، وَهُوَ أن لا يُشْرِكَه شيءٌ فِيمَا هُوَ من خصائِصِهِ، وكُلُّ صفةٍ من صفاتِ الكمالِ فهو متَّصِفٌ بها عَلَى وجْهٍ لا يُمَاثِلُه فِيهِ أحَدٌ، ولِهَذَا كَانَ مذهبُ سلفِ الأُمَّةِ وأئمّتها إثباتَ ما وصفَ به نفسَهُ مِنَ الصِّفاتِ ونفي مَُماثلته بشيءٍ مِنَ المخلوقاتِ.

ثُمَّ أوردَ الشَّيخُ اعتراضًا عَلَى هَذَا الضَّابطِ فقَالَ: فإنْ قِيلَ: إنَّ الشيءَ


الشرح