إِذَا شابَهَ
غَيرَهُ جازَ عَلَيْهِ ما يَجُوزُ عَلَيْهِ من ذَلِكَ الوَجْهِ، ووجَبَ لَهُ ما
وجبَ لَهُ، وامتنعَ عَلَيْهِ ما امتنعَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أجابَ عنهُ بقولِهِ:
قِيلَ: هَبْ أنَّ الأَمْرَ كَذَلِكَ، ولكِنْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ القدرُ المشتركُ
لا يستَلْزِمُ إثبات ما يمتنع عَلَى الرَّبِّ سُبْحَانَهُ، ولا نفي ما يستَحِقُّه
لَمْ يَكُنْ مُمْتَنعًا، كَمَا إِذَا قِيلَ: إِنَّهُ موجودٌ حيٌّ عليمٌ سميعٌ
بصيرٌ، وقَدْ سمَّى بَعْضَ المخلوقاتِ حيًّا سميعًا بصيرًا، فإِذَا قِيلَ: يلزَمُ
أنَّهُ يَجُوزُ عَلَيْهِ ما يَجُوزُ عَلَى ذَلِكَ من جهَةِ كَونِه مَوجُودًا
حَيًّا عَلِيمًا سَمِيعًا بصيرًا، قِيلَ: لازِمُ هَذَا القدرِ المشتركِ لَيْسَ
ممتنعًا عَلَى الرَّبِّ تَعَالَى، فإنَّ ذَلِكَ لا يقتضي حُدُوثًا ولا إمكانًا ولا
نقصًا ولا شيئًا مِمَّا ينافي صِفات الرُّبوبيَّة، وذَلِكَ أنَّ القدرَ المشترك
هُوَ مسمَّى الوُجودِ، أو المَوجود أو الحياة أو الحيّ أو العليم أو العلم،
والقدرُ المشتركُ مطْلَقٌ كَي لا يختصّ بالممكن المُحدث، ولا فِيمَا يختصُّ
بالواجبِ القديمِ، فإنَّ ما يختصُّ به أحدُهما يمتنعُ اشتراكهما فِيهِ، فإِذَا
كَانَ القَدْرُ المشتركُ الَّذِي اشتركا فِيهِ صفةُ كمالٍ كالوُجودِ، والحياةِ،
والعلمِ، والقُدرَةِ، ولَمْ يَكُنْ في ذَلِكَ شيءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى خصائصِ
المَخْلُوقِين، كَمَا لا يَدُلُّ عَلَى شيءٍ من خصائِصِ الخالقِ، لَمْ يَكُنْ في
إثباتِ ذَلِكَ محذورٌ أصلاً، بل إثباتُ هَذَا من لوازم الوُجُودِ، فكُلُّ
مَوجُودين لا بُدَّ بينهما من مثلِ هَذَا، ومن نفَى هَذَا لزِمَهُ تَعطِيلُ وُجودِ
كُلِّ موجُودٍ، ولِهَذَا لما اطَّلعَ الأئِمَّةُ عَلَى أن هَذَا حقيقة قولِ
الجهميةِ سمَّوهم معطِّلَة، وكَانَ جهْمُ ينكِرُ أن يُسمِّي اللهَ شيئًا.
إِلَى أنْ قالَ
رحمه الله : وَهَذَا الموضعُ من فهمِه فهمًا جيدًا وتدَبُّرِه زالَتْ عنه عامَّةُ
الشُّبهاتِ، وانكشفَ لَهُ غلطٌ كثيرٌ مِنَ الأذكياءِ في هَذَا المقام، وقَدْ بسطَ
هَذَا في مواضعَ كثيرةٍ، وبيَّن فيها أنَّ القدرَ المشتركَ الكُليَّ
الصفحة 3 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد