×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

رَّحِيمٞ ٢٨ لِّئَلَّا يَعۡلَمَ أَهۡلُ ٱلۡكِتَٰبِ أَلَّا يَقۡدِرُونَ عَلَىٰ شَيۡءٖ مِّن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلۡفَضۡلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤۡتِيهِ مَن يَشَآءُۚ وَٱللَّهُ ذُو ٱلۡفَضۡلِ ٱلۡعَظِيمِ ٢٩ [الحديد: 28- 29] .

                                                                       ***

بَيَانُ فَضْلِ أَهْلِ الحَدِيثِ

قالَ الشيخُ رحمه الله فِي بَيَانِ فَضلِ أهلِ الحَدِيثِ وامْتِيَازِهِم عَلَى غَيْرِهِم: إِنَّ أهلَ الحَدِيثِ والسُّنَّةِ أَخَصُّ بِالرَّسُولِ وأتْبَاعِه، فلهُم مِن فَضْلِ اللهِ وتَخْصِيصِه إيَّاهم بالعِلمِ والحِلمِ وتَضْعِيفِ الأجْرِ مَا لَيْسَ لِغَيْرِهِم، كَمَا قَالَ بَعضُ السَّلَفِ: أهلُ السُّنَّةِ فِي الإسلامِ كَأَهْلِ الإِسْلاَمِ فِي المَلَلِ، فَهَذَا الْكَلامُ تَنْبِيهٌ على ما يَظُنُّه أهلُ الجَهَالةِ والضَّلالَةِ مِن نَقصِ الصَّحابَةِ فِي العِلمِ والبَيَانِ أو اليدِ والسِّنانِ، فمَن زَعَم بِلِسانِ حَالِه أو مَقَالِه أَنَّ طائِفَةً غَيرَ أهلِ الحَدِيثِ أَدْرَكُوا مِن حقَائِقِ الأُمُورِ البَاطِنَةِ الغَيْبِيةِ فِي أمْرِ الخَلْقِ والبَعْثِ والمَبدأِ والمَعَادِ، وأمرِ الإيمانِ باللهِ واليومِ الآخِرِ، والعُلُومِ والأَخْلاَقِ التي تَزْكُو بِها النفُوسُ وتَصْلُحُ وتَكْمُلُ؛ دُونَ أهلِ الحَدِيثِ فَهُو إِنْ كَان مِنَ المُؤمِنينَ بِالرسُلِ فَهُو جَاهِلٌ وفيه شُعْبَةٌ قَوِيَّةٌ مِن شُعَبِ النِّفاقِ، وإلا فهو مُنافِقٌ خَالِصٌ، مِنَ الذين إذا {وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ كَمَآ ءَامَنَ ٱلنَّاسُ قَالُوٓاْ أَنُؤۡمِنُ كَمَآ ءَامَنَ ٱلسُّفَهَآءُۗ أَلَآ إِنَّهُمۡ هُمُ ٱلسُّفَهَآءُ وَلَٰكِن لَّا يَعۡلَمُونَ [البقرة: 13] ، وقَد يَكُونُ مِنَ الَّذينَ يُجَادِلُونَ فِي آياتِ اللهِ بِغيرِ سُلطانٍ أتاهم، ومِن الذين {يُحَآجُّونَ فِي ٱللَّهِ مِنۢ بَعۡدِ مَا ٱسۡتُجِيبَ لَهُۥ حُجَّتُهُمۡ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمۡ وَعَلَيۡهِمۡ غَضَبٞ وَلَهُمۡ عَذَابٞ شَدِيدٌ [الشورى: 16] .

وقد يُبَيَّنُ ذلك بالقِياسِ العَقْلِيِّ الصَّحيحِ الذي لا ريبَ فيهِ، وإِنْ كَانَ ذَلكَ ظَاهِرًا بالفِطرَةِ لِكُلِّ سَليمِ الفِطرَةِ؛ فإنه مَتَى كَانَ الرَّسُولُ أكمَلَ الخَلْقِ وأعْلَمَهُم بِالحَقَائقِ وأَقْوَمَهم قَولاً وحَالاً؛ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ أعْلَمُ


الشرح