والمقصود أنَّ
الرُّوحَ إِذَا كَانَتْ موجودةً حيَّةً عالمَةً قادِرَةً سميعَةً بصيرَةً تصعَدُ
وتنزِلُ وتذْهَبُ وتَجِيءُ ونحو ذَلِكَ مِنَ الصِّفاتِ، والعقولُ قاصِرَةٌ عَنْ
تَكْييفِهَا، وتَحْدِيدها؛ لَأَنَّهُم لَمْ يُشَاهِدُوا لها نَظِيرًا، والشَّيءُ
إِنَّمَا تُدْركُ حَقِيقَتُه بمشَاهدَتِه أو مُشَاهدة نَظِيره، فإِذَا كَانَتِ
الرُّوحُ متَّصفةً بهذه الصِّفاتِ مع عدمِ مماثَلتِهَا لمَا يُشاهَدُ مِنَ المخلوقاتِ؛
فالخالِقُ أولَى بمُبَاينَتِه لمَخْلُوقَاتِه مع اتِّصافِه بما يستحِقُّه من
أسمائِه وصِفَاتِه، وأهلُ العقولِ هم أعجَزُ عَنْ أن يَحُدُّوه أو يُكَيِّفُوه
مِنْهُمْ عَنْ أن يَحُدُّوا الرُّوحَ أو يُكَيِّفُوها، فإِذَا كَانَ من نَفَى
صِفَاتِ الرُّوحِ جاحدًا مُعطِّلاً لها، ومن مثلها بما يُشَاهِدُه مِنَ المخلوقاتِ
جاهلاً ممثلاً لها بغَيرِ شَكْلِها، وهي مع ذَلِكَ ثابتة بحقيقةِ الإثباتِ مستحقّة
لما لها مِنَ الصِّفاتِ، فالخالِقُ سبحانه وتعالى أولى أَنْ يَكُونَ من نفى
صَفَاتِه جَاحدًا مُعطِّلاً، ومن قَاسَه بخَلقِه جاهلاً به ممثِّلاً وَهُوَ سبحانه
وتعالى ثابتٌ بحقيقَةِ الإثبات مُستَحِقٌّ لما لَهُ مِنَ الأسماءِ والصِّفاتِ.
***
بيانُ
القواعدِ الَّتِي يُبنَى عَلَيْهَا مَذهَبُ السَّلَفِ
في
الأسماءِ والصِّفاتِ
ثُمَّ
ذَكَرَ الشَّيخُ قواعِدَ نافِعَةً في هَذَا البابِ فقَالَ:
القاعدةُ
الأُولى: أنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ موصوفٌ
بالإثباتِ والنَّفيِ؛ فالإثباتُ كإخبارِه بأَنَّهُ بكلِّ شيءٍ عليمٌ، وعلى كُلّ
شيءٍ قديرٌ، وأنَّهُ سميعٌ بصيرٌ ونحو ذَلِكَ، والنَّفيُ كقولِه: {لَا تَأۡخُذُهُۥ سِنَةٞ وَلَا نَوۡمٞۚ﴾ [البقرة: 255] ، وينبغي أنْ يُعلَمَ أنَّ
النَّفيَ لَيْسَ فِيهِ مدحٌ ولا كمالٌ إلاَّ إِذَا تضمَّن إثباتًا، وإلا فمجَرَّدُ
النَّفيِ لَيْسَ فِيهِ مدحٌ ولا كمالٌ؛ لأنَّ النَّفيَ المحضَ عدمُ
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد