×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

وإذا كانت سعادة الدنيا والآخرة هي في اتباع المرسلين فمن المعلوم أن أحق الناس بذلك هم أعلمهم بآثار المرسلين، وهم الطائفة الناجية من أهل كل مِلَّة، وهم أهل السُّنة والحديث من هذه الأُمة، وهم أسعد الناس باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأما غير أتباعه من أهل الكلام؛ فالكلام في أقيستهم التي هي حُججهم وبراهينهم على معارفهم وعلومهم، وهذا يدخل فيه كلُّ من خالف شيئًا من السُّنة والحديث من المتكلمين والفلاسفة.

ومن المعلوم من حيث الجملة أن المتكلمين والفلاسفة من أعظم بني آدم حَشْوًا وقولاً للباطل وتكذيبًا للحق من مسائلهم ودلائلهم، لا يكاد - والله أعلم - يخلو لهم مسألة واحدة عن ذلك، ويدلُّك على ذلك أمور: أحدها: أنك تجدهم أعظم الناس شكًّا واضطرابًا وأضعف الناس علمًا ويقينًا، وهذا أمر يجدونه في أنفسهم ويشهده الناس منهم، وإنما فضيلة أحدهم باقتداره على الاعتراض والقَدْح والجدل، ومن المعلوم أن الاعتراض والقَدْح ليس بعلم ولا فيه منفعة! وأحسن أحوال صاحبه أن يكون بمنزلة العامِّيّ، وإنما العلم في جواب السؤال، ولهذا تجد غالب حُججهم تتكافأ؛ إذ كلٌّ منهم يقدح في أدلة الآخر.

***

جَهْلُ علماء الكلام وذَمُّهم

يواصل شيخ الإسلام ابن تَيْمِيَّةَ رحمه الله حديثه عن علماء الكلام وقلة بضاعتهم من العلم النافع وخبرتهم فيقول:

وقد قيل: إن الأشعري - مع أنه من أقربهم إلى السُّنة والحديث وأعلمهم بذلك - صنَّف في آخر عمره كتابًا في تكافؤ الأدلة - يعني:


الشرح