أدلة علم الكلام
- فإن ذلك هو صناعته التي يحسن الكلام فيها، وما زال أئمتهم يخبرون بعدم الأدلة
والهُدَى في طريقهم؛ كما ذكرناه عن أبي حامد وغيره، حتَّى قال أبو حامد الغزالي:
أكثر الناس شكًّا عند الموت أهل الكلام، وهذا أبو عبد الله الرازي من أعظم الناس
في هذا الباب - باب الحيرة والشك والاضطراب - لكن هو مسرف في هذا الباب بحيث له
نَهْمَة في التشكيك دون التحقيق بخلاف غيره؛ فإنه يحقق شيئًا ويثبت على نوع من
الحق.
لكن بعض الناس
قد لا يثبت على باطل مَحْض بل لا بُدَّ فيه من نوع من الحق، وكان من فضلاء
المتأخرين وأبرعهم في الفلسفة والكلام ابنُ واصل الحَمَوِيّ، كان يقول: أستلقي على
قفاي وأضع المِلْحَفة على نصف وجهي ثم أذكر المقالات وحُجج هَؤُلاء وهَؤُلاء
واعتراض هَؤُلاء وهَؤُلاء، حتَّى يطلع الفجر ولم يترجح عندها شيء! ولهذا أنشد
الخَطَّابي:
حُجَجٌ
تَهَافَتُ كالزُّجاج تَخَالُها |
|
حَقًّا
وكُلٌّ كاسرٌ مكسورُ |
فإذا كانت هذه حال حُججهم؛ فأي لَغْو وباطل وحَشْو يكون أعظم من هذا؟! وكيف يليق بمثل هَؤُلاء أن ينسبوا إلى الحَشْو أهل الحديث والسُّنة الذين هم أعظم الناس علمًا ويقينًا وطمأنينة وسكينة؟! وهم الذين يعلَمون، ويعلَمون أنهم يعلَمون، وهم بالحق يوقنون لا يشكُّون ولا يمترون؛ فأما ما أُوتيه علماءُ أهل الحديث وخواصهم من اليقين والمعرفة والهدى فأمر يَجِلُّ عن الوصف، ولكن عند عوامِّهم من اليقين والعلم النافع ما لم يحصل منه شيءٌ لأئمة المتفلسفة المتكلِّمين، وهذا ظاهر مشهود لكل أحد.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد