×
أضواء من فتاوى ابن تيمية الجزء الأول

ثم ذكر الشيخ رحمه الله أسباب الهدى والعلم النافع، وأسباب الضلال والجهل؛ فقال: ولكن لا بُدَّ أن يُعلم أن المبدأ في شعور النفس وحركتها هم الملائكة أو الشياطين؛ فالملَك يلقي التصديق بالحق والأمر بالخير، والشيطان يلقي التكذيب بالحق والأمر بالشر، والتصديق والتكذيب مقرونان بنظر الإِنسَان، كما أن الأمر والنهي مقرونان بإرادته، فإذا كان النظر في دليل هادٍ - كالقرآن - وسَلِم من معارضات الشيطان تضمَّن ذلك النظر والعلم والهدى، ولهذا أُمر العبد بالاستعاذة من الشيطان الرجيم عند القراءة، وإذا كان النظر في دليل مُضِلّ والناظر يعتقد صحته بأن تكون مقدمتاه أو إحداهما متضمنة للباطل، أو تكون المقدمات صحيحة لكن التأليف ليس بمستقيم؛ فإنه يصير في القلب بذلك اعتقادٌ فاسد، وهو غالب شُبُهات أهل الباطل المخالفين للكتاب والسُّنة من المتفلسفة والمتكلِّمين ونحوهم.

وأما النظر المفيد للعلم فهو ما كان في دليل هاد، والدليل الهادي على العموم والإطلاق هو كتابُ الله وسُنةُ نبيه؛ فإن الذي جاءت به الشريعة من نَوْعَيِ النظر هو ما يفيد وينفع ويحصِّل الهدى، وهو بذكر الله وما نزل من الحق، فإذا أراد النظر والاعتبار في الأدلة المُطلَقة من غير تعيين مطلوب فذلك النظر في كتاب الله وتدبُّره؛ كما قال تعالى: {يَٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ قَدۡ جَآءَكُمۡ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمۡ كَثِيرٗا مِّمَّا كُنتُمۡ تُخۡفُونَ مِنَ ٱلۡكِتَٰبِ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖۚ قَدۡ جَآءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُورٞ وَكِتَٰبٞ مُّبِينٞ ١٥ يَهۡدِي بِهِ ٱللَّهُ مَنِ ٱتَّبَعَ رِضۡوَٰنَهُۥ سُبُلَ ٱلسَّلَٰمِ وَيُخۡرِجُهُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ بِإِذۡنِهِۦ وَيَهۡدِيهِمۡ إِلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ١٦ [المائدة: 15- 16] ، وقال تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَوۡحَيۡنَآ إِلَيۡكَ رُوحٗا مِّنۡ أَمۡرِنَاۚ


الشرح