فإن أحدهم لا
بُدَّ أن يَلْتَذّ بشيء ويتألم بشيء، فيميز بين ما يأكل ويشرب وما لا يأكل ولا
يشرب، وبين ما يؤذيه من الحر والبرد وما ليس كذلك، وهذا التمييز بين ما ينفعه
ويضره هو الحقيقة الشرعية الدينية، ومن ظن أن البَشَر ينتهي إلى حَدٍّ يستوي عنده
الأمران دائمًا فقد افترى وخالف ضرورة الحِسّ، لكن قد يَعْرِض للإِنسَان بعضَ
الأوقات عارضٌ كالسُّكْر والإغماء ونحو ذلك مما يَشْغَل عنه الإحساسُ ببعض الأمور،
فإمَّا أن يَسقط إحساسه بالكلية مع وجود الحياة، فهذا مُمتنِع، فإن النائم لم يفقد
إحساس نفسه، بل يرى في منامه ما يسوؤه تارة، وما يَسرُّه أخرى.
***
الردُّ
على الذين يحتجُّون بالقَدَر
يُوَاصِل شيخُ
الإسلام رحمه الله رَدَّه على الذين يتعلقون بالقَدَر ويحتجُّون به على مُعارضة
الشرع والأمر والنهي فيقول رحمه الله : فقد تبيَّن بضرورة العقل فسادُ قول من ينظر
إلى القَدَر ويُعرِض عن الأمر والنهي، والمؤمن مأمور بأن يفعل المأمور، ويترك
المحظور، ويصبر على المقدور، كما قال تعالى: {وَإِن تَصۡبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لَا
يَضُرُّكُمۡ كَيۡدُهُمۡ شَيًۡٔاِۗ﴾ [آل عمران: 120]
، وقال في قصة يوسف: {إِنَّهُۥ مَن يَتَّقِ وَيَصۡبِرۡ
فَإِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [يوسف: 90] ، فالتقوى فِعْل ما أمر الله به
وتَرْك ما نهى الله عنه، ولهذا قال الله تعالى: {فَٱصۡبِرۡ إِنَّ وَعۡدَ ٱللَّهِ
حَقّٞ وَٱسۡتَغۡفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِبۡكَٰرِ﴾ [غافر: 55] ، فأَمَرَه مع الاستغفار بالصبر، فإن
العباد لا بُدَّ لهم من الاستغفار أولُهم وآخرُهم، قال النَّبيّ صلى الله عليه
وسلم في الحديث الصحيح: «يَا أَيُّهَا
النَّاسُ، تُوبُوا
الصفحة 1 / 471
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد